انقطعت بالفتح هي القصد إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم حيث كان، فإن بقي في دار الحرب عصى، ويختلف في حاله كما تقدم بيانه.
الثاني-الخروج من أرض البدعة: قال ابن القاسم: سمعت مالكا يقول:
لا يحلّ لأحد أن يقيم ببلد يسبّ فيها السلف. قال ابن العربي: وهذا صحيح؛ فإن المنكر إذا لم تقدر على تغييره فزل عنه، قال الله تعالى:{وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا، فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ، حَتّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ، وَإِمّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ}[الأنعام ٦٨/ ٦].
الثالث-الخروج عن أرض غلب عليها الحرام: فإن طلب الحلال فرض على كل مسلم.
الرابع-الفرار من الإذاية في البدن: وذلك فضل من الله عز وجل أرخص فيه، فإذا خشي المرء على نفسه في موضع فقد أذن الله سبحانه له في الخروج عنه، والفرار بنفسه؛ ليخلّصها عن ذلك المحذور.
الخامس-خوف المرض في البلاد الوخمة والخروج منها إلى الأرض النّزهة.
وقد أذن النبي صلّى الله عليه وسلّم للرّعاء حين استوخموا المدينة أن يتنزهوا إلى المسرح، فيكونوا فيه حتى يصحّوا. وقد استثني من ذلك الخروج من الطاعون، فمنع الله سبحانه منه بالحديث الصحيح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، بيد أني رأيت علماءنا قالوا: هو مكروه.
السادس-الفرار خوف الإذاية في المال؛ فإن حرمة مال المسلم كحرمة دمه، والأهل مثله أو آكد (١).
(١) أحكام القرآن: ٤٨٤/ ١ - ٤٨٦، وانظر تفسير القرطبي: ٣٤٩/ ٥ وما بعدها.