أمية أنه قال: قلت لعمر بن الخطاب، كيف نقصر وقد أمنّا؟ فقال عمر:
عجبت مما عجبت منه، فسألت النّبي صلّى الله عليه وسلّم فقال:«صدقة تصدّق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته». وهذا يدلّ كما أوضحت على أن المراد بالقصر في الآية القصر في عدد الركعات. وفي صحيح مسلم عن ابن عباس قال: فرض الله الصلاة على لسان نبيّكم صلّى الله عليه وسلّم في الحضر أربعا، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة. لكن قال القاضي ابن العربي في كتابه القبس: قال علماؤنا رحمة الله عليهم: هذا الحديث مردود بالإجماع.
وأيضا فإن القصر: أن تقتصر من الشيء على بعضه، والقصر في الصفة تغيير لا إتيان بالبعض؛ لأنه جعل الإيماء بدل الرّكوع والسّجود مثلا.
وأيضا فإن «من» في قوله: «من الصلاة» للتبعيض، وهو يدلّ على الاقتصار على بعض الركعات.
وقال آخرون كالجصاص: إن المراد بقصر الصلاة في الآية قصر الصفة والهيئة، دون نقصان أعداد الرّكعات، أي بترك الرّكوع والسّجود والإيماء، وبترك القيام إلى الرّكوع؛ لأن الآية في صلاة السفر، لابتدائها بقوله تعالى:
{وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} ولأن قول عمر المتقدم: «صلاة السفر ركعتان...» إلخ يدلّ على أن صلاة السفر، سواء أكانت صلاة أمن أم خوف تمام غير قصر، فيكون معنى القصر في الآية قصر الصفة، لا قصر عدد الركعات.
أما السفر المبيح للقصر ففيه خلاف على آراء أهمها ما يأتي:
١ - قال الحنفية: من الكوفة إلى المدائن وهي مسيرة ثلاثة أيام. ويروى عنهم: يومان وأكثر الثالث.
ودليل الحنفية:
قوله عليه الصّلاة والسّلام فيما رواه أحمد عن عوف بن مالك الأشجعي، فيما معناه:«يمسح المقيم يوما وليلة، والمسافر ثلاثة أيام».