للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحاح ثابتة، فعلى أي حديث منها صلّى المصلّي صلاة الخوف أجزأه إن شاء الله (١).

وأذكر هنا أقوال الفقهاء بصفتها نموذجا عمليا مطبّقا بين المسلمين، ويمكن تأويل الآية بما يوافق هذه الأقوال:

١ - ذهب أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله إلى الكيفية التالية لصلاة الخوف وهي: أن يقسم الإمام القوم طائفتين: تقوم طائفة مع الإمام، وطائفة إزاء العدوّ، فيصلّي بهم ركعة وسجدتين، ثم ينصرفون إلى مقام أصحابهم، ثم تأتي الطائفة الأخرى التي بإزاء العدوّ، فيصلّي بهم الإمام ركعة وسجدتين ويسلّم هو، ولم يسلّموا؛ لأنهم مسبوقون، وإنما يذهبون مشاة للحراسة في وجه العدو، ثم تجيء الطائفة الأولى إلى مكانها الأول، أو تصلي في مكانها تقليلا للمشي، فتتمم صلاتها وحدها بغير قراءة؛ لأنهم في حكم اللاحقين، ثم تشهدوا، وسلموا، وعادوا لحراسة العدوّ.

ثم تأتي الطائفة الثانية، فتتمم صلاتها بقراءة سورة مع الفاتحة؛ لأنهم لم يدخلوا مع الإمام في أول الصلاة، فاعتبروا في حكم السابقين. وهذه الكيفية مروية عن الزهري عن سالم عن أبيه: وهي أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صلّى بإحدى الطائفتين ركعة، والطائفة الأخرى مواجهة للعدو، ثم انصرفوا وقاموا في مقام أولئك، وجاء أولئك فصلّى بهم ركعة أخرى ثم سلّم، ثم قام هؤلاء، فقضوا ركعتهم، وهؤلاء فقضوا ركعتهم.

وروي مثله أيضا عن نافع، وابن عمر في حديث متفق عليه، وابن عباس.

٢ - قال عبد الرّحمن بن أبي ليلى: إذا كان العدوّ بينهم وبين القبلة، جعل


(١) تفسير القرطبي: ٣٦٥/ ٥ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>