بكرامة تشبه كرامة الخليل عند خليله. والخليل: المخال وهو الذي يخالك أي يوافقك في خلالك ويسايرك في طريقك، أو يسد خللك كما تسد خلله. قال ثعلب: إنما سمي الخليل خليلا؛ لأن محبته تتخلل القلب، فلا تدع فيه خللا إلا ملأته. وقيل: هو بمعنى المفعول كالحبيب بمعنى المحبوب، وإبراهيم كان محبا لله وكان محبوبا لله. وقيل: معناه الاختصاص، أي اختص إبراهيم في وقته للرسالة.
وعلى كل حال، ليس في اتخاذ الله إبراهيم خليلا شيء من المقاربة في حقيقة الذات والصفات. وسبب اتخاذه خليلا إما لإطعامه الطعام أو لأنه التزم أن يكون خادما للرب حتى يموت،
وعن القاسم بن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا، وإنه لم يكن نبي إلا له خليل، ألا وإن خليلي أبو بكر»(١).
٥ - الله مالك السموات والأرض وخالقهما. ومعنى الآية {وَلِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ} هنا أنه اتخذ إبراهيم خليلا بحسن طاعته لا لحاجته إلى مخالّته، ولا للتكثير به والاعتضاد، وكيف وله ما في السموات وما في الأرض، وإنما أكرمه لامتثاله لأمره.
٦ - سعة علم الله:{وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً} أي أحاط علمه بكل الأشياء.
(١) أسباب النزول للواحدي: ص ١٠٤ - ١٠٥، أخرج الحديث الطبراني عن أبي أمامة، وهو ضعيف.