والتسريح، أو من النشوز والإعراض، وسوء العشرة، أو هو خير من الخصومة في كل شيء، حفاظا على الرابطة الزوجية، ومنعا من هدم كيان الأسرة وإلحاق الضرر بالأولاد، ولأن الطلاق أبغض الحلال إلى الله (١)، وكل ذلك يوجب العودة إلى المعاشرة بالمعروف والمعاملة بالعدل. وهذه الجملة اعتراض، وكذلك قوله:
{وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ}.
أي لقد استطرد القرآن إلى بيان طبيعة في النفوس: وهي الحرص على البخل، فالنساء حريصات على حقوقهن في القسم والنفقة وحسن العشرة، وعلى الزوج أيضا، وعلى حقها المالي في المهر ونفقة العدة، وكذا الرجال حريصون على أموالهم أيضا وعلى كراهة تهديم الأسرة، فيكون التسامح والتصالح خيرا للطرفين، ما دام بهذا الطبع، والصلح عند المشاحة خير من الفراق.
ومعنى الصلح: أن يتصالحا على أن تطيب له نفسا عن القسمة أو عن بعضها، كما فعلت سودة بنت زمعة حين كرهت أن يفارقها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وعرفت مكان عائشة من قلبه، فوهبت لها يومها، كما روي أن امرأة أراد زوجها أن يطلقها لرغبته عنها، وكان لها منه ولد، فقالت: لا تطلقني، ودعني أقوم على ولدي، وتقسم لي في كل شهرين، فقال: إن كان هذا يصلح، فهو أحب إلي، فأقرها (٢).
ومن حالات الصلح أن تهب له بعض المهر أو كله، أو النفقة، فإن لم تفعل، فليس له إلا أن يمسكها بإحسان أو يسرحها.
وإن تحسنوا البقاء مع نسائكم وإن كرهتموهن، وتصبروا على ما تكرهون،
(١، ٢) روى أبو داود وابن ماجه عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أبغض الحلال إلى الله الطلاق». الكشاف: ٤٢٧/ ١