ليس هو الواقع، وإنما ختم الله عليها بسبب كفرهم بعيسى ومحمد عليهما السّلام، فلا يصل إليها نور الهداية كالنّقود المسكوكة لا تقبل نقشا آخر، فهم لا يؤمنون إلا إيمانا قليلا من بعضهم مثل عبد الله بن سلام وأصحابه.
وكفرهم بعيسى عليه السلام والإنجيل واتهام مريم البتول العذراء بالفاحشة، ورميهم لها برجل صالح فيهم هو يوسف النجار، وهذا بهتان عظيم وكذب مفترى يدهش البريء، وزعمهم أنهم قتلوا عيسى ابن مريم، ووصفوه بأنه رسول الله تهكما واستهزاء بدعوته، ووصفه القرآن بأنه: ابن مريم للرد على النصارى القائلين بأنه ابن الله. ورد الله عليهم: والحال أنهم ما قتلوه وما صلبوه كما ادعوا، ولكن ألقى الله الشبه على رجل آخر فصلبوه، وما قتلوه يقينا أي متيقنين أنه عيسى ذاته بعينه؛ لأن الجند الذين قتلوه وصلبوه ما كانوا يعرفونه، والمعروف في الأناجيل أن الذي أسلمه إلى الجند هو يهوذا الأسخريوطي.
وإن اختلفوا في صلب المسيح، أهو المصلوب أم غيره؟ لفي شك وتردد من حقيقة أمره، وليس لهم علم يقيني مقطوع به، وإنما هم يتبعون الظن والقرائن والأمارات غير المؤدية إلى الحق.
وإنما أنجاه الله من أيدي اليهود ورفعه إليه، كما قال تعالى في سورة آل عمران:{إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا}[آل عمران ٥٥/ ٣] قال ابن عباس: إني متوفيك أي مميتك. وقال وهب:
أماته الله ثلاثة أيام ثم بعثه ثم رفعه. وقال ابن جرير: توفيه هو رفعه (١)، وقال الأكثرون: المراد بالوفاة هاهنا النوم، كما قال تعالى:{وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفّاكُمْ بِاللَّيْلِ}[الأنعام ٦٠/ ٦] وقال تعالى: {اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها}[الزمر ٤٢/ ٣٩].
قال الحسن البصري: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم