هو جبريل ملك الوحي، المعبر عنه بالروح الأمين. وليس لنا أن نبحث عن كيفية الحديث وهل كان مشافهة أو لا؟ فالله أعلم بذلك.
ثم ذكر تعالى الحكمة من إرسال الرسل وهي إقامة الحجة على الناس، وتبيان طريق الهداية الأسلم؛ إذ لو لم يرسلوا لاحتج البشر بجهلهم ما يجب عليهم من الإيمان والعمل الصالح، كما قال تعالى:{وَلَوْ أَنّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا: رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً، فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى}[طه ١٣٤/ ٢٠] وقال عز وجل: {وَما كُنّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولاً}[الإسراء ١٥/ ١٧] فكان إرسال الرسل وإنزال الكتب لئلا يبقى لمعتذر عذر.
ومهمة الرسل: أنهم يبشرون من أطاع الله واتبع رضوانه بالخيرات، وينذرون من خالف أمره وكذب رسله بالعقاب والعذاب.
وكان الله عزيزا لا يغلبه أحد، حكيما في صنعه وجميع أفعاله، فلا يبقى لأحد اعتراض.
ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا أحد أحب إليه المدح من الله عز وجل، من أجل ذلك مدح نفسه، ولا أحد أحب إليه العذر من الله، من أجل ذلك بعث النبيين مبشرين ومنذرين» وفي لفظ آخر: «من أجل ذلك أرسل رسله وأنزل كتبه».
ولما تضمنت الآية المتقدمة:{إِنّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ} إثبات نبوته صلّى الله عليه وسلّم، والرد على من أنكر ذلك من المشركين وأهل الكتاب، قال الله تعالى:{لكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ} فهو استدراك لما علم من السياق من إنكار اليهود والمشركين وغيرهم نبوة النبي صلّى الله عليه وسلّم، وعدم شهادتهم برسالته، ومضمونه أن الله يشهد لك بأنك رسوله الذي أنزل عليه الكتاب وهو القرآن العظيم، الذي {لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ