حديث عدي بن حاتم المتقدم:«إذا أرسلت كلبك المعلّم، وذكرت اسم الله عليه، فكل ما أمسك عليك»، والتّسمية: واجبة عند الجمهور، مستحبة عند الشافعي.
واتّقوا الله في هذه الحدود، أي احذروا مخالفة أمره فيما أرشدكم إليه، واتّخذوا وقاية من عذابه بامتثال ما أمر به واجتناب ما نهى عنه. إن الله سريع الحساب، أي يحاسبكم على أعمالكم من غير توان ولا تهاون، ولا يضيع شيئا من أعمالكم، بل تحاسبون عليها وتجازون في الدّنيا والآخرة، وهو يحاسب الناس كلهم يوم القيامة في وقت واحد، فيكون حسابه سريعا. ومناسبة ذلك لما قبله أنه لما ذكر المحرّمات والمحللات وأبان الحلال والحرام، نبّه إلى أنه تعالى سيحاسب العاملين على أعمالهم من غير إمهال متى جاء يوم الحساب.
روي أنه يحاسب الناس جميعا في مقدار نصف يوم.
اليوم أحل لكم تفضلا من الله الطّيبات: وهي ما يستطاب ويشتهي عند أهل النفوس الكريمة.
وأحل لكم طعام الكتابيين أي ذبائحهم عند الجمهور، لا الخبز والفاكهة ولا جميع المطعومات؛ لأن الذبائح هي التي تصير طعاما بفعلهم، وأما بقية المطعومات فهي مباحة لجميع الناس، فلا وجه لتخصيصها بهم. وأهل الكتاب:
هم اليهود والنصارى الذين أنزل الله على أنبيائهم التوراة والإنجيل.
فلا تحلّ ذبائح المشركين عبدة الأصنام والأوثان. روى ابن جرير عن أبي الدّرداء وابن زيد أنهما سئلا عمّا ذبحوه للكنائس فأفتيا بأكله، قال ابن زيد:
أحل الله طعامهم ولم يستثن منه شيئا. وقال أبو الدّرداء-وقد سئل عن كبش ذبح لكنيسة يقال لها: جرجيس، أهدوه لنا، أنأكل منه؟ - «اللهم عفوا، إنما هم أهل كتاب، طعامهم حلّ لنا، وطعامنا حلّ لهم» وأمره بأكله.