وقد أمرهم موسى بمجاهدة الأعداء من الكنعانيين الجبارين في فلسطين، وبدخول الأرض المقدسة (المطهرة أو المباركة) فتمردوا وأبوا الدخول، بالرغم من تبشير الرجلين الصالحين من النقباء (يوشع وكالب) لهم بالنصر والغلبة والفتح، وقالا: ولا يهولنكم عظم أجسامهم، فقلوبهم ملئت رعبا منكم، فأجسامهم عظيمة وقلوبهم ضعيفة.
وتمادوا بعناد وإفراط على الله، فرفضوا الدخول إلى الأرض المقدسة وقالوا لموسى:{فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا، إِنّا هاهُنا قاعِدُونَ} وهذا منهم كفر؛ لأنهم شكّوا في رسالة موسى.
فدعا موسى عليه السلام عليهم، وطلب فصل القضاء بينه وبينهم.
فاستجاب الله دعاءه وعاقبهم في التيه أربعين سنة، ومات هارون وموسى في التيه.
روى مسلم في صحيحة عن أبي هريرة قال: أرسل ملك الموت إلى موسى عليه السلام، فلما جاءه صكّه ففقأ عينه، فرجع إلى ربه، فقال:«أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت» قال: فرد الله إليه عينه وقال: «ارجع إليه، فقل له:
يضع يده على متن ثور، فله بما غطت يده بكل شعرة سنة» قال: «أي رب ثم مه» قال: «ثم الموت» قال: «فالآن» فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر؛ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«فلو كنت ثمّ، لأريتكم قبره إلى جانب الطريق تحت الكثيب الأحمر». وفعل موسى مع الملك؛ لأنه لم يعرفه، وأنه رأى رجلا دخل منزله بغير إذنه، يريد نفسه، فدافع عن نفسه، فلطم عينه، ففقأها.
وكان العقاب الإلهي لبني إسرائيل المتمردين عن الطاعة هو تصفيتهم وتجديد بنية الشعب، وظهور جيل جديد من الشباب يتحملون المسؤولية، وكانوا أهلا للجهاد ومقاومة الجبارين، وجعلهم أئمة وارثين.