لأنه كان صاحب غنم، أخذه من أجود غنمه، فتقبّل قربانه، قال القرطبي:
فرفع إلى الجنة، فلم يزل يرعى فيها إلى أن فدي به الذبيح عليه السلام، قاله سعيد بن جبير وغيره.
وسبب القصة: التنازع على الزواج من أخت قابيل توأمته المولودة معه، فقد كان آدم عليه السلام يزوج الذكر من هذا البطن الأنثى من البطن الآخر، ولا تحل له أخته توأمته، فولدت حواء مع قابيل أختا جميلة واسمها «إقليمياء» ومع هابيل أختا ليست كذلك، واسمها «ليوذا» فلما أراد آدم تزويجهما قال قابيل: أنا أحق بأختي، فأمره آدم فلم يأتمر، وزجره فلم ينزجر، فاتفقوا على تقديم القربان (١).
وكانت النتيجة قبول قربان هابيل لصلاحه؛ بدليل قوله لأخيه:{إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}. قال ابن عطية: المراد بالتقوى هنا اتقاء الشرك بإجماع أهل السنة؛ فمن اتقاه وهو موحّد فأعماله المصدّقة لنيته مقبولة؛ وأما المتقى الشرك والمعاصي فله الدرجة العليا من القبول والختم بالرحمة.
وكان استسلام هابيل لتهديد أخيه قابيل بالقتل معتمدا على أسس ثلاثة: الخوف الحقيقي من الله تعالى، والخشية من تحمل إثمين: إثم قتله وإثم فعل المقتول الذي عمله قبل القتل، والابتعاد عن أن يكون من أصحاب النار ومن الظالمين. وهذه المبادئ من أصول المواعظ التي تنفر من الإقدام على جريمة القتل وغيرها.
ودل قوله:{فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النّارِ} على أنهم كانوا في ذلك الوقت مكلفين قد لحقهم الوعد والوعيد. واستدل بعضهم بهذا القول على أن قابيل كان كافرا؛ لأن لفظ {أَصْحابِ النّارِ} إنما ورد في الكفار حيث وقع في القرآن.