وداود الظاهري: يجب القطع بسرقة القليل والكثير؛ لظاهر الآية، وللحديث الذي رواه الشيخان عن أبي هريرة:«لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الجمل فتقطع يده».
وقال الجمهور: تقطع يد السارق في ربع دينار أو ثلاثة دراهم فصاعدا؛ لما رواه أحمد والشيخان وأصحاب السنن (الجماعة) من
حديث عائشة رضي الله عنها:«كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدا» ولما
في الصحيحين عن ابن عمر:«أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قطع في مجنّ -ترس-ثمنه ثلاثة دارهم» وهذا قول الخلفاء الراشدين الأربعة.
ورأى الحنفية: أن نصاب السرقة دينار أو عشرة دراهم، فلا قطع فيما دون عشرة دراهم،
لما رواه أحمد عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«لا قطع فيما دون عشرة دراهم». ولولا أن هذا الحديث ضعيف لأمكن ترجيح مذهب الحنفية من قبيل الاحتياط، ولأن الحدود تدرأ بالشبهات، ولأن ثمن المجنّ الذي قطع النبي صلّى الله عليه وسلّم بسرقته مختلف في تقديره، فقدر بثلاثة دراهم أو بأربعة أو بخمسة أو بعشرة دراهم، والأخذ بالأكثر في باب الحدود أولى، درءا للشبهة.
وتثبت السرقة إما بالإقرار أو بالبينة (شاهدين) ويسقط الحد بالعفو عن السارق أو التوبة قبل رفع الأمر إلى الإمام الحاكم، وبملك المسروق بالهبة وغيرها، ولو بعد رفع الأمر إلى الحاكم في مذهب أبي حنيفة ومحمد. وبشرط كون الملك قبل رفع الأمر إلى القضاء في مذهب الجمهور،
لما رواه أصحاب السنن من حديث ابن عباس: أن لصا سرق رداء صفوان بن أمية من تحت رأسه، حينما كان متوسدا عليه حين نام في المسجد، فاستيقظ صفوان واستاق اللص إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأمر بقطع يده، فقال صفوان: إني لم أرد هذا، هو عليه صدقة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«فهلا قبل أن تأتيني به».