قد قاموا لا قاموا، وكانوا يضحكون إذا ركع المسلمون وسجدوا، وقالوا في حق الأذان: لقد ابتدعت شيئا لم نسمع به فيما مضى من الأمم، فمن أين لك صياح مثل صياح العير؟ فما أقبحه من صوت، وما أسمجه من أمر.
وعن مشروعية الأذان قال العلماء: ولم يكن الأذان بمكة قبل الهجرة، وإنما كانوا ينادون:«الصلاة جامعة» فلما هاجر النبي صلّى الله عليه وسلّم وصرفت القبلة إلى الكعبة أمر بالأذان، وبقي «الصلاة جامعة» للأمر يعرض كصلاة الجنازة وصلاة العيد وصلاة الكسوفين. وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم قد أهمه أمر الأذان حتى أريه عبد الله بن زيد، وعمر بن الخطاب، وأبو بكر الصديق رضي الله عنهم.
وقد كان النبي صلّى الله عليه وسلّم سمع الأذان ليلة الإسراء في السماء.
ثم أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بلالا فأذّن بالصلاة أذان الناس اليوم. وزاد بلال في الصبح:«الصلاة خير من النوم» فأقرها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
والأذان من شعائر الإسلام، وهو العلامة الدالة المفرقة بين دار الإسلام ودار الكفر،
وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا بعث سرية قال لهم:«إذا سمعتم الأذان فأمسكوا وكفّوا، وإن لم تسمعوا الأذان فأغيروا-أو قال: فشنوا الغارة».
لذا قال عطاء ومجاهد والأوزاعي وداود: الأذان فرض، ولم يقولوا على الكفاية. وقال مالك: إنما يجب الأذان في المساجد للجماعات حيث يجتمع الناس، ثم اختلف أصحابه على قولين: أحدهما-سنة مؤكدة واجبة على الكفاية في المصر ونحوه من القرى. والثاني-هو فرض على الكفاية. وحكى الطبري عن مالك قال: إن ترك أهل مصر الأذان عامدين، أعادوا الصلاة.
واتفق الشافعي وأبو حنيفة وأصحابهما والثوري وأحمد وإسحاق وأبو ثور والطبري على أن المسافر إذا ترك الأذان عامدا أو ناسيا أجزأته صلاته، وكذلك لو ترك الإقامة عندهم، وهم أشد كراهة لتركه الإقامة، أي فهما سنة مؤكدة.