عليهم من أنواع الخيرات، ونظير هذه الآية. {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}[الطلاق ٢/ ٦٥ - ٣]. {وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً}[الجن ١٦/ ٧٢]. {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ}[الأعراف ٩٦/ ٧] فجعل تعالى التقى من أسباب الرزق، كما في هذه الآيات، ووعد بالمزيد لمن شكر فقال:
وفي هذا دلالة واضحة على أن ما أصابهم من ضنك وضيق إنما هو بسبب جناياتهم، لا من قصور في فيض الله تعالى.
وأخبر تعالى أن منهم أمة مقتصدة معتدلة مؤمنة بكل ما أنزل الله إليهم وإلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهم المؤمنون منهم كالنجاشي وسلمان وعبد الله بن سلام، اقتصدوا فلم يقولوا في عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام إلا ما يليق بهما. والاقتصاد:
الاعتدال في العمل.
فالعبرة في الأديان: هو العمل بها والاهتداء بهديها، لا التعصب الجنسي لها أو ضدها، وإحداث صراع حاد بين أهلها، فمن آمن بحق بدين آمن تلقائيا ومباشرة بكل دين أنزله الله ورضيه لعباده، والدين دين الله، وليس حكرا على أحد، ولا دين بشر أحدثه للناس.
لذا كان واقع الناس غريبا عن حقيقة الدين، وأصبح الكثير منهم خارجا عن حدود الدين:{وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ} أي بئس شيء عملوه، كذبوا الرسل، وحرّفوا الكتب، وأكلوا السحت.
وهكذا لا تخلو أمة أو زمن من المعتدلين، ولا يخفت صوت الحق مهما حاول الفسقة كبته وخنقه، وإذا كثر أهل السوء، وقل الصالحون هلكت الأمم.