للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان العباس ممن يحرسه، فلما نزلت ترك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الحرس».

وروي «أن أبا طالب كان يبعث مع رسول الله من يحرسه إذا خرج حتى نزل {وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ} فذهب ليبعث معه، فقال: يا عم، إن الله حفظني، لا حاجة لي إلى من تبعث».

وعن أنس رضي الله عنه: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يحرسه سعد وحذيفة، حتى نزلت هذه الآية، فأخرج رأسه من قبة أدم، وقال: انصرفوا يا أيها الناس، فقد عصمني الله من الناس.

وهذه الآية المكية وضعت في سياق تبليغ أهل الكتاب المأمور به في المدينة، لتدل على تعرض النبي صلّى الله عليه وسلّم لإيذائهم، كما تعرض لإيذاء المشركين، والله عصمه من الفريقين.

وقيل: نزلت الآية بعد يوم أحد، بدليل قوله: {إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ} ومعناه: أنه لا يمكنهم مما يريدون إنزاله بك من الهلاك.

وللآية معنى أعم في الواقع وهو: بلّغ أنت والله هو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء» كما قال تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ} [البقرة ٢٧٢/ ٢] وقال: {فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ، وَعَلَيْنَا الْحِسابُ} [الرعد ٤٠/ ١٣].

ثم كشف القرآن لكل الناس: أهل الكتاب والمسلمين عن حقيقة مهمة جدا هي أن النسبة إلى الدين لا تنفع إلا بالعمل به، فقال: {قُلْ: يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ} أي قل يا محمد لأهل الكتاب (اليهود والنصارى): لستم على شيء من الدين يعتد به حتى تقيموا التوراة والإنجيل فيما أمرا به من التوحيد الخالص والعمل الصالح، ومما فيهما الإيمان بمحمد والأمر باتباعه والإيمان بمبعثه

<<  <  ج: ص:  >  >>