للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكم، والله هو السميع لأقوال عباده، العليم بكل شيء، فلم تعدلون عن عبادته -وهو النافع الحق لكم-إلى عبادة بشر، أو جماد لا يسمع ولا يبصر، ولا يعلم شيئا، ولا يملك البشر والحجر وغيرهما ضرا ولا نفعا لغيره ولا لنفسه.

فإن اليهود الذين عادوا المسيح لم يقدر على إلحاق الضرر بهم، بل حاولوا صلبه وقتله، ولم يتمكن هو بدفع ضررهم عن نفسه، وكذا لم يستطع تحقيق نفع دنيوي لأتباعه وأنصاره وصحبه، وقد تعرضوا للطرد والتعذيب، فكيف يعقل أن يكون إلها؟.

ثم أمر الله نبيه أن يقول أيضا لأهل الكتاب (اليهود والنصارى): يا أهل الكتاب، لا تجاوزوا الحد في اتباع الحق، ولا تبالغوا في تعظيم العزير، ولا تعظيم عيسى، حتى تؤلّهوا أحدا منهما فتخرجوا عيسى من مقام النبوة إلى مقام الألوهية، وتجعلوا عزيرا ابن الله، ولا تبالغوا أيضا أيها اليهود في إهانة عيسى وأمه، وتنسبوها إلى الفاحشة.

ولا تتبعوا أهواء قوم وآراءهم النابعة من شهواتهم، وهم شيوخ الضلال الذين ضلوا قديما، وأضلوا كثيرا من الناس، وخرجوا عن طريق الاستقامة والاعتدال إلى طريق الغواية والضلال.

ثم بيّن الله تعالى سبب ذلك: وهو تركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقال: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا.}. أي أنه تعالى لعن الكافرين من بني إسرائيل من دهر طويل، فيما أنزله على داود نبيه عليه السلام، وعلى لسان عيسى ابن مريم، بسبب عصيانهم لله، واعتدائهم على خلقه، ولعن داود من اعتدى منهم يوم السبت ومن عصى الله، ولعن عيسى العصاة من بني إسرائيل بسبب تمردهم ومخالفتهم أوامر الله. قال ابن عباس: لعنوا في التوراة والإنجيل، وفي الزبور، وفي الفرقان. كان العالم منهم لا ينهى أحدا عن ارتكاب المآثم

<<  <  ج: ص:  >  >>