للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العذرات وسائر النجاسات، وما لا يحل أكله، لذا كره مالك والشافعي وغيرهما بيع زبل الدواب.

٧ - إن تخللت الخمر بنفسها طهرت وجاز أكل الخل باتفاق الفقهاء، أما تخليل الخمر فلم يجزه جمهور الفقهاء؛ لأن النّبي صلّى الله عليه وسلّم استؤذن في تخليل خمر ليتيم، فقال: «لا» ونهى عن ذلك، فأراقها وليه عثمان بن أبي العاص. وأباح الحنفية تخليلها وأكل ما تخلل منها بمعالجة، أي بإلقاء شيء فيها، كملح أو غيره؛ لأن التخليل يزيل الوصف المفسد، ويجعل في الخمر صفة الصلاح، والإصلاح مباح.

٨ - قال القرطبي: هذه الآية تدل على تحريم اللعب بالنّرد والشطرنج، قمارا أو غير قمار، لقوله تعالى: {إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} فكل لهو دعا قليلة إلى كثيرة، وأوقع بينكم العداوة والبغضاء بين العاكفين عليه، وصدّ عن ذكر الله وعن الصلاة، فهو كشرب الخمر، وأوجب أن يكون حراما مثله. وأيضا فإن ابتداء اللعب يورث الغفلة، فتقوم تلك الغفلة المستوليد على القلب مكان السكر. سئل القاسم بن محمد عن الشطرنج أهي ميسر؟ وعن النرد أهو ميسر؟ فقال: كل ما صدّ عن ذكر الله وعن الصلاة فهو ميسر (١).

٩ - حيثيات التحريم واضحة في الآية: {إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ..}. أعلم الله تعالى عباده أن الشيطان إنما يريد أن يوقع العداوة والبغضاء بيننا بسبب الخمر وغيره، فحذرنا منها ونهانا عنها. وسبب النزول المتقدم في عبث القبيلتين من الأنصار اللتين شربتا الخمر يؤكد هذا.

١٠ - قوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا} تأكيد للتحريم، وتشديد في الوعيد، وامتثال الأمر، وكفّ عن المنهي عنه. فإن


(١) تفسير القرطبي: ٢٩١/ ٦ - ٢٩٢

<<  <  ج: ص:  >  >>