التي تماثل المقتول، فلا تجب القيمة، لأنها ليست من النعم. وأوجب عمر وعلي وابن مسعود وغيرهم من الصحابة في النعامة بدنة، وفي حمار الوحش بقرة، ونحو ذلك.
ورأى أبو حنيفة وأبو يوسف أن الواجب هو قيمة الصيد المقتول باعتبار كونه صيدا، وتقدر القيمة في مكان الصيد وفي زمانه، لأن القيمة تتفاوت باعتبار المكان والزمان، لأن الله أوجب مثل المقتول مطلقا، والنظير متعذر، فينتقل إلى المثل في المعنى، وقد عهد في الشرع عند إطلاق المثل أن يراد المشارك في النوع أو القيمة، قال تعالى:{فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ}[البقرة ١٩٤/ ٢] والمراد من المثل: النظير بالنوع في المثليات، والقيمة في القيميات.
والحيوانات من القيميات، فتجب قيمتها، والأولى أن يراد بالمثل القيمة فيما اختلفت أنواعه، وقد أهدر الشرع في ضمان المتلفات المماثلة في الصورة. ويؤيد الحنفية قوله تعالى:{يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ} فإن اللجوء إلى حكمين اثنين من عدول المسلمين إنما يكون في شيء تختلف فيه الأنظار والخبرات، وذلك في القيمة.
ثم قال تعالى عن تقدير الجزاء:{يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ} أي يحكم بالجزاء من النعم في المثل أو بالقيمة في غير المثل على رأي الجمهور رجلان مؤمنان عدلان، لأن تحديد المماثلة بين الصيد ومثيله يحتاج لتقدير خبيرين، لخفائه على أكثر الناس.
ويذبح المثل في الحرام المكي لقوله تعالى:{هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ} أي إن الجزاء يكون هديا (شاة أو كبشا مثلا) وأصلا إلى الكعبة، ويذبح في جوارها، ويوزع لحمه على مساكين الحرم. فالمراد بالاتفاق: وصوله إلى الحرم بأن يذبح هناك ويفرّق لحمه على مساكين الحرم.