فيقول بما معناه: وإن يصبك أيها الإنسان ضرر أو شدة من ألم أو فقر أو مرض أو حزن أو ذل ونحوه، فلا صارف له عنك ولا مزيل له إلا الله تعالى؛ لأنه القادر على كل شيء، وكذلك إن يحصل كل خير من صحة أو غنى أو عز ونحوه، فهو أيضا من الله، لكمال قدرته على كل شيء، ولأنّه القاهر الغالب صاحب العزة والسلطان والكبرياء، وهو الذي خضعت له الرقاب، وذلت له الجبابرة، وعنت له الوجوه، ودانت له الخلائق، وقهر كل شيء، وهو الحكيم في جميع أفعاله، الخبير بمواضع الأشياء، فلا يعطي إلا من يستحق، ولا يمنع إلا من يستحق. ونظير هذه الآية قوله تعالى:{ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها، وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ}[فاطر ٢/ ٣٥]. و
في الصحيح أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يقول:«اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد» أي الغني.
ثم أيّد الله نبيه بشهادة هي أعظم الشهادات وأجلها، وأصحها وأصدقها:
وهي شهادة الله بين نبيه محمد صلّى الله عليه وسلّم وبين المشركين، شهادة تدل على صدق النّبي صلّى الله عليه وسلّم وتكشف حال أعدائه، فهو تعالى العالم بما جاء به هذا الرسول وما هم قائلون له. وتقدير الكلام: أي شهيد أكبر شهادة؟ فوضع (شيئا) مقام (شهيد) ليبالغ في التعميم. والجواب: الله أكبر شهادة، وهو شهيد بيني وبينكم، أو الله شهيد بيني وبينكم، وإذا كان هو الشهيد بينه وبينهم، فأكبر شيء شهادة شهيد له.
والآية تتضمن ردا قاطعا على المشركين الذين كانوا يقولون للنّبي صلّى الله عليه وسلّم: من يشهد لك بأنك رسول الله؟ ثم أوضع الله مهمة النّبي صلّى الله عليه وسلّم وهي تلقي الوحي وتبليغه للناس جميعا، فقال:{وَأُوحِيَ إِلَيَّ.}. أي أنزل الله على هذا القرآن لأنذركم به يا أهل مكة من عذاب الله إذا كفرتم أو عصيتم، وأبشركم بالجنة إذا آمنتم وأطعتم، وكذا لأنذر