للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قل: لا أتّبع أهواءكم في سلوك طريقتكم القائمة على اتّباع الهوى دون اتّباع الدّليل، وإن اتّبعت أهواءكم فأنا ضالّ، وما أنا من الحقّ والهدى على شيء. وفي هذا تعريض بأنهم ليسوا من الهداية في شيء.

فإن عبادة غير الله ضلال وشرك، يترفّع عنها العاقل الواعي، وعبادة الله تعالى يدلّ عليها الحجّة والبرهان، والفكر والمنطق الصحيح.

ولما نفى أن يكون الهوى متبعا نبّه على ما يجب اتّباعه بقوله: {قُلْ: إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي} أي قل لهم أيها الرّسول: إنّي فيما أخالفكم فيه على بصيرة من شريعة الله التي أوحاها الله إليّ، وعلى حجّة عقلية واضحة،، وشاهد صدق، والحال أنكم كذبتم بالحقّ الذي جاءني من الله، أي كذبتم بالقرآن وجحدتم وجود الله حيث أشركتم به غيره، وكذبتم بالبيّنات، واتّبعتم الهوى والضلال، وسرتم على منهج التّقليد الأعمى الذي لا دليل فيه.

ما عندي الذي تستعجلون به وهو العذاب، فليس إنزاله بمقدور لي، وما الحكم إلا لله أي إنما يرجع أمر ذلك إلى الله، إن شاء عجّل لكم ما سألتموه من ذلك، وإن شاء أنظركم وأجلّكم، لما له في ذلك من الحكمة العظيمة: {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ} [الرّعد ٨/ ١٣].

والله يقصّ الحقّ، أي يقصّ على رسوله القصص الحقّ في وعده ووعيده وجميع أخباره، وهو خير الفاصلين أي خير الحاكمين الذين يفصلون في القضايا بين عباده، وينفذ أمره متى شاء إصدار الحكم.

وكان عليه الصّلاة والسّلام يخوّف قومه بنزول العذاب عليهم بسبب هذا الشرك، والقوم لإصرارهم على الكفر كانوا يستعجلون نزول ذلك العذاب. فقال تعالى: {قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي..}. أي قل أيها الرّسول لهؤلاء الذين يستعجلون العذاب بقولهم: {اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ، فَأَمْطِرْ

<<  <  ج: ص:  >  >>