تاريخهم مفصلا هو نوح عليه السلام، وقد جاء بالرد على عبدة الأصنام (١)، كما قال تعالى حكاية عن قومه أنهم قالوا:{لا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً}[نوح ٢٣/ ٧١] وسبب قولهم أن الإنسان البدائي توهم في صموت الصنم سرا يصلح أن يوصل إلى الله تعالى، أوتوهم في ظهور بعض مخلوقات الله من شجر أو شمس أو قمر وسيلة إلى الإله الحق تشفع عنده وتقرب إليه من توجه إليها.
وأدرك قوم إبراهيم أن الأصنام لا تسمع ولا تبصر ولا تضر ولا تنفع، وإنما قلدوا آباءهم، لذا اتخذوا الأصنام آلهة معبودة لا أربابا مدبرين، لكنهم اتخذوا الكواكب أربابا لتأثيرها السبي في الأرض.
وقلد العرب آباءهم في عبادة الأصنام قائلين:{ما نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى}[الزمر ٣/ ٣٩].
ولا يسع المؤمن إلا التنديد بكل مظاهر الوثنية وأشكالها وطقوسها، وحصر العبادة بفاطر السموات والأرض وحده دون غيره من الوسائل، كما أعلن إبراهيم عليه السلام الذي قال في التماثيل:{بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ، وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشّاهِدِينَ}[الأنبياء ٥٦/ ٢١].
وجميع مخلوقات الله تعالى دالة على وجود الصانع وقدرته؛ لأنها محدثة ممكنة، وكل محدث ممكن هو محتاج إلى الصانع.
ودل قوله تعالى:{لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ} على أحكام ذكرها الرازي:
١ - دلت هذه الآية على أن الله تعالى ليس بجسم؛ إذ لو كان جسما لكان غائبا عنا أبدا، فكان آفلا أبدا.