للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أدلة بطلان مذهبكم أن هذه الآلهة التي تعبدونها لا تؤثر شيئا، وأنا لا أخافها ولا أرهبها ولا أبالي بها؛ لأنها لا تضر ولا تنفع، ولا تبصر ولا تسمع، ولا تنصر ولا تشفع، فإن كان لها كيد فكيدوني بها ولا تمهلون، بل عاجلوني بذلك.

لا أخاف ما تشركون به أبدا إلا إذا شاء الله شيئا في إصابة مكروه لي، فإنه يقع حتما؛ لأنه لا يضر ولا ينفع إلا الله عز وجل، وهو القادر على كل شيء.

ثم علل تعالى ما سبق فقال: {وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً} أي أحاط‍ علمه بجميع الأشياء، فلا تخفى عليه خافية، فلربما أنزل بي مكروها بسبب الدعوة إلى نبذها وتحطيمها.

أفلا تتذكرون هذا وما بينته لكم فتؤمنوا، أي أفلا تعتبرون أن هذه الآلهة باطلة، فتنزجروا عن عبادتها؟ وهذا شبيه بما احتج به هود عليه السلام على قومه عاد: {قالُوا: يا هُودُ، ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ، وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ. إِنْ نَقُولُ إِلاَّ اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ، قالَ: إِنِّي أُشْهِدُ اللهَ، وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمّا تُشْرِكُونَ، مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً، ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ}.

{إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ، ما مِنْ دَابَّةٍ إِلاّ هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها، إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ‍ مُسْتَقِيمٍ} [هود ٥٣/ ١١ - ٥٦].

وكيف أخاف من هذه الأصنام التي تعبدونها من دون الله، ولا تخافون إشراككم بالله خالقكم، ما لم ينزل به حجة بيّنه بوحي ولا نظر عقل تثبت لكم جعله شريكا في الخلق والتدبير أو في الوساطة والشفاعة؟ وقد دلت الأدلة العقلية والنقلية على أن الله واحد أحد فرد صمد، فإشراككم وافتئاتكم هو الذي ينبغي أن يخاف.

وفي {كَيْفَ} معنى الإنكار، أنكر عليهم تخويفهم إياه بالأصنام، وهم

<<  <  ج: ص:  >  >>