للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحد، لأن ما علمه العرب نقلوه إلى سائر المسلمين. وكما قال قتادة: هؤلاء مشركو العرب، والمعنى: وعلمكم الله بالقرآن من أخبار السابقين، وأنباء اللاحقين، ما لم تكونوا تعلمون ذلك، لا أنتم ولا آباؤكم. وفي ذلك امتنان من الله على الرسول صلّى الله عليه وسلّم والمسلمين بإنزال هذا القرآن عليهم لبيان أصول الاعتقاد مع الدليل، وإتمام مكارم الأخلاق، وتشريع العبادات لتزكية النفوس وتطهيرها، والمعاملات لنفع الأفراد والجماعات، وتقرير أصول الحياة كالحرية والكرامة الإنسانية والمساواة بين الناس، فلا فضل لأحد على آخر إلا بالتقوى أو بالعمل الصالح.

وقال الزمخشري وغيره: الخطاب في هذه الآية: {وَعُلِّمْتُمْ.}. لليهود، أي علمتم على لسان محمد صلّى الله عليه وسلّم مما أوحى الله إليه ما لم تعلموا أنتم مع أنكم حملة التوراة، ولم تعلمه آباؤكم الأقدمون الذين كانوا أعلم منكم، كقوله تعالى: {إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [النمل ٧٦/ ٢٧]. وأضاف الزمخشري بصيغة التضعيف قائلا: وقيل: الخطاب لمن آمن من قريش، كقوله تعالى: {لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ} [يس ٦/ ٣٦] (١).

وعلى رأي الزمخشري يكون المقصود المنّ على اليهود بإنزال التوراة فيهم.

ثم قال الله لنبيه: {قُلِ: اللهُ} أي قل يا محمد: الله أنزل الكتاب على موسى، وهذا الكتاب عليّ، أو قل: الله علمكم الكتاب، قال ابن عباس: أي قل: الله أنزله. قال ابن كثير: وهذا الذي قاله ابن عباس هو المتعين في تفسير هذه الكلمة.

{ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} أي ثم دعهم واتركهم في جهلهم وضلالهم


(١) الكشاف: ٥١٦/ ١

<<  <  ج: ص:  >  >>