للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم يقول الله تعالى لهم: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى..}. أي ولقد أتيتمونا منفردين عن الأنداد والشركاء والأولياء والشفعاء، وعن الخدم والأملاك والأموال، كما خلقناكم أولا من بطون أمهاتكم حفاة عراة غرلا (غير مختونين)، وتركتم ما أعطيناكم من مال وولد وخدم وأثاث وقصور وغيرها من النعم والأموال التي اقتنيتموها في الدنيا وراء ظهوركم، ولم تنتفعوا بها هنا، إذ أنها لم تغن عنكم شيئا.

ولا منافاة بين هذه الآية وبين قوله تعالى: {وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ} [البقرة ١٧٤/ ٢] لأن المراد: لا يكلمهم تكليم تكريم ورضا. وتتمة الكلام تقريع لهم وتوبيخ على ما كانوا اتخذوا في الدنيا من الأنداد والأصنام والأوثان، ظانين أنها تنفعهم في معاشهم ومعادهم، فقال: {وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ..}.

أي وما نبصر معكم شفعاءكم من الأصنام الذين زعمتم أنها شفعاؤكم وشركاء لله.

لقد تقطع بينكم، أي لقد تقطع يوم القيامة ما كان بينكم من صلة الولاء والتعاطف والأسباب والوسائل، والصلات والصدقات، أي وقع التقطع بينكم، وانزاح الضلال، وغاب وذهب عنكم ما كنتم تفترونه من شفاعة الشفعاء، ونداء الأوثان والشركاء، ورجاء الأصنام، ويناديهم الرب جل جلاله على رؤوس الخلائق: {أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ؟} [القصص ٦٢/ ٢٨] ويقال لهم:

{أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ، هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ؟} [الشعراء ٩٢/ ٢٦ - ٩٣].

والمراد بقوله: {أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ} أي في استعبادكم، واستحقاق عبادتكم، والعبادة لهم فيكم؛ لأنهم حين دعوهم آلهة وعبدوها، فقد جعلوها لله شركاء فيهم وفي استعبادهم.

والمقصود من الكلام في الجملة: إن آمالكم خابت في كل ما تزعمون

<<  <  ج: ص:  >  >>