ومعنى الآية: وجعل مشركو العرب شركاء من عالم الجن أطاعوهم فيما يأمرونهم به، والجن: هم الملائكة فقد عبدوهم، كما قال قتادة، أو الشياطين فقد أطاعوهم في الشرك والمعصية، كما قال الحسن البصري. وقال المجوس: إن للخير إلها وللشر إلها وهو إبليس، أي أنهم سموه ربا.
جعلوا لله الجن شركاء له حيث أطاعوهم في عبادة الأوثان، والحال أنه خلقهم أي خلق المشركين وغيرهم، فهو الخالق وحده لا شريك له، فكيف يكون المخلوقون شركاءه، وكيف يعبدون معه غيره؟ كقول إبراهيم:{أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ، وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ}[الصافات ٩٥/ ٣٧ - ٩٦].
وخلاصة المعنى: أنه تعالى هو المستقل بالخلق وحده، فلهذا يجب أن يفرد بالعبادة وحده لا شريك له.
واختلقوا لله بجهلهم وحمقهم بنين وبنات، والمراد بقوله {بِغَيْرِ عِلْمٍ}: أنهم لا يعلمون حقيقة ما يقولون، ولكن جهلا بالله وبعظمته، فإن مشركي العرب سموا الملائكة بنات الله، وقالت اليهود: عزيز ابن الله، وقالت النصارى:
المسيح ابن الله.
{سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمّا يَصِفُونَ} أي تقدس وتنزه وتعاظم الله عما يصفه هؤلاء الجهلة الضالون من الأولاد والأنداد والشركاء؛ لأنه الخالق المدبر لها، وليس كمثله شيء.
والله مبدع السموات والأرض وخالقهما ومنشئهما ومحدثهما على غير مثال سبق، وكيف يكون له ولد، والحال أنه لم تكن له صاحبة؟ والولد إنما يكون متولدا بين شيئين متناسبين، والله تعالى لا يناسبه ولا يشابهه شيء من خلقه؛