ضرورة رفض منهج أهل الضلال، ومسلك أهل الشرك والأهواء.
ولما كان المشركون يعتبرون الذبائح لغير الله من أصول الشرك، وكان حال أكثر الناس الضلالة والكفر، أمر الله المؤمنين بما هو من أصول الاعتقاد بالله، وهو الأكل مما ذكر اسم الله عليه وذبح باسم الله، فقال:{فَكُلُوا مِمّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ.}. أي احذروا بما ذبح للأصنام والأوثان ولغير الله، وكلوا مما ذكر اسم الله عليه من الذبائح دون غيره، إن كنتم بآيات الله الدالة على الهدى والنور والعقيدة الصحيحة مؤمنين مصدقين بها، مكذبين بما يناقضها من الشرك والوثنية والضلال.
فهذه إباحة واضحة من الله لعباده المؤمنين أن يأكلوا ما ذكر عليه اسمه، ترسيخا لأصل الاعتقاد بالله، وردا على مشركي العرب وغيرهم الذين كانوا يجعلون الذبائح من أمور العبادات وأصول الدين والاعتقاد، فيتقربون بالذبائح لآلهتهم.
ومفهوم الآية أنه لا يباح ما لم يذكر اسم الله عليه، كما كان يستبيحه كفار قريش من أكل الميتات وأكل ما ذبح على النصب وغيرها.
وجمهور المفسرين على أن في هذه الآية حصرا مستفادا من جهتين: الأولى- مما ذكر في الآية السالفة من عدم اتباع المضلين، والثانية-من الشرط في قوله تعالى:{إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ} فيكون المعنى: اجعلوا أكلهم مقصورا على ما ذكر اسم الله عليه، ولا تتعدوه إلى الميتة.
ثم ندب تعالى إلى الأكل مما ذكر اسم الله عليه، وأنكر أن يكون هناك شيء يدعوهم إلى ترك الأكل مما ذكر اسم الله عليه، من البحائر والسوائب وغيرها، فقال:{وَما لَكُمْ أَلاّ تَأْكُلُوا مِمّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ}.
وفي ذلك إشارة إلى ضرورة رفض عوائد الجاهلية واعتراضاتهم وشبهاتهم الواهية.