بالنسبة إلى هذين الأمرين حاصلة على السوية، لكن هذه القدرة منوطة بحصول باعث في النفس، وداعية في القلب تدعو إما إلى الإيمان، وإما إلى الكفر، وذلك الباعث أو الداعية هو علمه أو اعتقاده أو ظنه بكون ذلك الفعل مشتملا على مصلحة أو ضرر، فإن تكوّن في قلبه الميل إلى المصلحة أو المنفعة، فعل الشيء، وإن تكوّن في قلبه الميل إلى الضرر أو المفسدة، ترك الشيء، وحصول هذه الميول أو الدواعي لا يكون إلا من الله تعالى، ومجموع القدرة البشرية مع الداعي الإلهي يوجب الفعل.
وعلى هذا لا يصدر الإيمان عن العبد إلا إذا خلق الله في قلبه اعتقاد أن الإيمان راجح المنفعة زائد المصلحة أي تكوين القناعة الذاتية، وإذا حصل في القلب هذا الاعتقاد، مال القلب، ورغب في تحصيله، وهذا هو انشراح الصدر للإيمان (١).
وهذا متفق مع ما ذكرت في تفسير الآية من
حديث النّبي صلّى الله عليه وسلّم عن شرح الصدر إذ قال:«هو نور يقذفه الله في قلب المؤمن، فينشرح له وينفسح».
وقد ضرب الله تعالى مثلا في هذه الآية: وهو تشبيه المتلكئ عن الإيمان، المتثاقل عن الإسلام بمنزلة من يصّعد في السماء، فقد شبه الله الكافر في نفوره من الإيمان وثقله عليه بمنزلة من تكلف ما لا يطيقه، كما أن صعود السماء لا يطاق، أو أن الكافر إذا طولب بالإيمان تضايق وكان حاله كحال الصاعد في السماء، كلما ارتفع وخف الضغط الجوي عليه، ضاق نفسه، وهذه نظرية علمية حديثة معروفة الآن فقط، وقد أشار إليها القرآن.
ومثل جعل صدر الكافر شديد الضيق، كذلك يلقي الله العذاب