للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال قتادة في تفسير الآية: إنما يولي الله الناس بأعمالهم، فالمؤمن ولي المؤمن أين كان، وحيث كان، والكافر ولي الكافر أينما كان وحيثما كان، ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي. واختاره الطبري، ويكون معنى الآية: وكما جعلنا بعض هؤلاء المشركين من الجن والإنس أولياء بعض، يستمتع بعضهم ببعض، كذلك نجعل بعضهم أولياء بعض في كل الأمور، بما كانوا يكسبون من معاصي الله ويعملون (١).

وقال السيوطي في الإكليل: الآية في معنى

حديث «كما تكونوا يولّى عليكم» (٢) وقال الفضيل بن عياض: إذا رأيت ظالما ينتقم من ظالم، فقف وانظر متعجبا. وروى أبو الشيخ ابن حيان عن منصور بن أبي الأسود، قال: سألت الأعمش عن قوله تعالى: {وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظّالِمِينَ بَعْضاً} ما سمعتهم يقولون فيه؟ قال: سمعتهم يقولون: إذا فسد الناس أمّر عليهم شرارهم، أي أن الولاية والإمارة تكون لأشرارهم، كما قال تعالى: {وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها، فَفَسَقُوا فِيها، فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ، فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً} [الإسراء ١٦/ ١٧].

أي أن التولية بين الظالمين إما بالتعاطف والتناصر فيما بينهم، وإما بتسلط‍ بعضهم على بعض وتأمّرهم عليهم، فما من ظالم إلا سيبلى بأظلم منه. والظلم عام يشمل الظالمين لأنفسهم، والظالمين للناس من الحكام وغيرهم، فكل فريق يتولى شبهه في الخلق والعمل، وينصره على غيره. قال ابن عباس: «إذا رضي الله على قوم ولى أمرهم خيارهم، وإذا سخط‍ على قوم ولى أمرهم شرارهم».

وهذا تهديد عام لكل ظالم في الحكم والسلطة أو غير ذلك.


(١) تفسير الطبري: ٢٦/ ٨، تفسير ابن كثير: ١٧٦/ ٢
(٢) رواه الديلمي في مسند الفردوس عن أبي بكرة، ورواه البيهقي في شعب الإيمان عن أبي إسحاق السبيعي مرسلا، وهو حديث ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>