وما عينوه لشركائهم لا يصرف منه شيء إلى الوجوه التي جعلوها لله، بل يجعلونه للسدنة وخدمة الأصنام والأوثان وذبح القرابين.
وما جعلوه لله فقد يصرف للتقرب به إلى الأوثان.
{ساءَ ما يَحْكُمُونَ} أي بئس الحكم الذي يحكمون أو يقسمون ويصنعون، بإيثارهم المخلوق العاجز على الخالق القادر على كل شيء، فهي قسمة جائرة؛ لأن الله تعالى هو رب كل شيء ومليكه وخالقه، وحينما قسموا جاروا فلم يصرفوا له حقوقه، أو جعلوا له الصنف الأضعف، كما قال تعالى:{وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ الْبَناتِ، سُبْحانَهُ، وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ}[النحل ٥٧/ ١٦] وقال تعالى: {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً، إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ}[الزخرف ١٥/ ٤٣] وقال عز وجل:
إنهم بهذا الصنع القبيح اعتدوا على حق الله في التشريع، وأشركوا به غيره وعبدوا معه إلها آخر، وفضلوه ورجحوه عليه بجعل ما لله لشركائهم، ولم يستندوا في حكمهم على سند صحيح من عقل أو هداية من شرع إلهي.
قال ابن عباس في تفسير هذه الآية: «إن أعداء الله كانوا إذا حرثوا حرثا، أو كانت لهم ثمرة، جعلوا لله منه جزءا، وللوثن جزءا، فما كان من حرث أو ثمرة أو شيء من نصيب الأوثان، حفظوه وأحصوه، وإن سقط منه شيء فيما سمي للصّمد، ردوه إلى ما جعلوه للوثن، وإن سبقهم الماء الذي جعلوه للوثن، فسقى شيئا، جعلوه لله، جعلوا ذلك للوثن، وإن سقط شيء من الحرث والثمرة الذي جعلوه لله، فاختلط بالذي جعلوه للوثن، قالوا: هذا فقير، ولم يردوه إلى ما جعلوه لله، وإن سبقهم الماء الذي جعلوه لله، فسقى ما سمي للوثن، تركوه للوثن.
وكانوا يحرّمون من أموالهم البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي، فيجعلونه