وأنشأ الزيتون والرمان متشابها في المنظر وغير متشابه في الطعم والأكل.
وكل هذه الأنواع يسقي بماء واحد وفي تربة واحدة، ولكن كل نوع يختلف عن الآخر طعما ولونا ورائحة ووقت نضج يتناسب مع حاجة الإنسان في زمن البرد والحر والاعتدال، مما يدل على قدرة الخالق عليها، وإبداع المنشئ المكون لأصنافها، وذلك هو الله الواحد الأحد المتفرد بإمداد الرزق وبالتشريع المناسب.
وقد أباحها الله الإنسان وامتن بإنعامه بها عليه، فقال:{كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ} أي كلوا من ثمرات ما أنبت الله إذا أثمر ولو لم ينضج، وفائدة التقييد بقوله:{إِذا أَثْمَرَ} الترخيص للمالك في الأكل منه قبل أداء حق الله تعالى وهو الزكاة.
ثم جاء التكليف الواجب فيها وهو الزكاة المفروضة، فقال تعالى:{وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ} أي وأخرجوا الزكاة المفروضة فيه يوم الحصاد: وهو وقت قطعه بعد تمام نضجه، ويتبعه زمن الدوس، لفصل الحب عن التبن، ويدخل في الحصاد: جني العنب وصرم النخل وقطف الفاكهة. والحق المفروض: هو العشر فيما سقي بالمطر، ونصف العشر فيما سقي بالنهر والبئر ونحوهما من الينابيع. ويعطى الحق المقرر شرعا للمستحقين وهم ذوو القربى واليتامى والمساكين.
وللعلماء رأيان في الحق الواجب في الثمر، فقال ابن عباس: إنه الزكاة المفروضة، وهي العشر أو نصفه.
وروي عن ابن عباس أيضا وهو قول سعيد بن جبير: إنه ما كان يتصدق به على المساكين يوم الحصاد. وكان ذلك واجبا من غير تعيين المقدار؛ لأن هذه