للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جاء الأمر بالإحسان إلى الوالدين عقب الأمر بتوحيد الله؛ لأن أعظم أنواع النعم على الإنسان نعمة الله تعالى، ويتلوها نعمة الوالدين؛ لأن المؤثر الحقيقي في وجود الإنسان هو الله سبحانه، وفي الظاهر هو الأبوان، ونعم الوالدين على الإنسان عظيمة وهي نعمة التربية والشفقة والحفظ‍ عن الضياع والهلاك في وقت الصغر.

وقتل الأولاد: مسبّة وعار، وقسوة وغلظة، وانحدار في مستوى الإنسانية، ولون من ألوان الهمجية، ومصادمة لإرادة الله تعالى.

وقد استدل الظاهرية بآية: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ} على منع العزل؛ لأن وأد الأولاد يرفع الموجود والنّسل؛ والعزل بإلقاء الماء خارج المحل منع أصل النسل، فتشابها، إلا أن قتل النفس أعظم وزرا وأقبح فعلا.

لكن جمهور العلماء أباحوه،

لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا عليكم ألا تفعلوا فإنما هو القدر» (١) أي ليس عليكم جناح في ألا تفعلوا.

واشترط‍ مالك والشافعي كون العزل عن الحرة بإذنها، فلا يجوز بغير إذنها، لأن الإنزال من تمام لذتها، ومن حقها في الولد.

وتحريم الفواحش ذاتها وتحريم وسائلها وأسبابها: ضرورة صحية وإنسانية واجتماعية، فما من فاحشة أو حرام أو منكر إلا وهو ضار ضررا محضا بصحة الإنسان، ومهدد لوجوده، ومفسد للمجتمع في جميع أحواله ونظامه وتطلعاته. والنهي عن اقتراف الفواحش في الآية نهي عام عن جميع أنواع الفواحش وهي المعاصي.

وقتل النفس مؤمنة كانت أو معاهدة بغير مسوغ شرعي أو إلا بالحق الذي يوجب قتلها: جريمة كبري، واعتداء شنيع على صنع الخالق. والعاصم من القتل: الإسلام، والسلام أو الأمان، والعهد. والمسوغ الشرعي أو القتل بالحق


(١) الحديث صحيح (راجع سبل السلام ١٠٣٦/ ٣) ط‍ دار الجيل-بيروت.

<<  <  ج: ص:  >  >>