{قُلْ: إِنَّ صَلاتِي..}. أي إن كل أنواع صلاتي وعبادتي ودعائي ونسكي أي عبادتي-وقد كثر استعمال النسك في الذبح وأداء شعائر الحج والعمرة وغيرهما-وكل ما آتيه في حياتي، وما أموت عليه من الإيمان والعمل الصالح هو لله عز وجل، أي أن كل أعمالي ومقاصدي محصورة في طاعة الله ورضوانه، فهي آية جامعة لكل الأعمال الصالحة، وعلى المسلم أن يكون قصده وعمله وكل ما يقدمه من عمل هو وجه الله تعالى، سواء في أثناء حياته، أو ما يعقبه من عمل صالح بعد مماته، هو لله، وإلى الله، وفي سبيل الله، ولطاعة الله تعالى.
وخصص الصلاة بالذكر، مع كونها داخلة في النسك، لكونها روح العبادة التي قد تتلوث بمفاسد الشرك.
والله واحد لا شريك له في ذاته ولا في صفاته، ولا في ربوبيته، فله العبادة وحده، والتشريع منه وحده، بذلك أمرني ربي، وأنا أول المسلمين المنقادين إلى امتثال أوامره واجتناب نواهيه.
وهذا إثبات لتوحيد الألوهية، أعقبه بتوحيد الربوبية، فقال:{قُلْ: أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا..}. أي أغير الله أطلب ربا سواه، مع أنه هو مالك كل شيء، خلقه ودبره، وهو مصدر النفع ومنع الضر، فكيف أجعل مخلوقا آخر ربّا لي؟! وما من عمل يكسبه الإنسان إلا عليه جزاؤه دون غيره، ولا تتحمل نفس بريئة أبدا ذنب نفس أخرى، فكل إنسان مجزي بعمله:{كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ}[الطور ٢١/ ٥٢]{لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ}[البقرة ٢٨٦/ ٢].
وبما أن كل إنسان مسئول عن عمله، صالحا كان أو سيئا، فإنه سيجزي عنه، إن خيرا فخيرا، وإن شرا فشرا. والرجوع في نهاية المصير من الذين يلقبون أنفسهم «الحنفاء» لله وحده دون غيره، فهو الذي يخبركم باختلافكم في