للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ، فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاّ مَنْ شاءَ اللهُ} [النمل ٨٧/ ٢٧] وتسمى أيضا نفخة الصعق لقوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ، إِلاّ مَنْ شاءَ اللهُ، ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى، فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ} [الزّمر ٦٨/ ٣٩].

أي إن إبليس يموت عقب النفخة الأولى، كما قال تعالى: {فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ، وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً} [الحاقة ١٣/ ٦٩ - ١٤].

ولما أنظر إبليس إلى يوم البعث واستوثق بذلك، أخذ في المعاندة والتمرد، فقال: {فَبِما أَغْوَيْتَنِي.}. أي كما أغويتني أو أضللتني. لأقعدن لعبادك الذين تخلقهم من ذرية آدم على طريق الحق وسبيل النجاة والسعادة، ولأضلنهم عنها، لئلا يعبدوك ولا يوحدوك، بسبب إضلالك إياي، وذلك بأن أزيّن لهم طرقا أخرى كلها ضلال وانحراف.

ثم لا أدع جهة من الجهات الأربع (اليمين والشمال والأمام والخلف) إلا أتيتهم منها، مترصدا لهم كما يترصد قاطع الطريق للمارّة.

ولا تجد أكثرهم شاكرين لك نعمتك، ولا مطيعين أوامرك، وقول إبليس هذا إنما هو ظن منه وتوهم، وقد وافق في هذا الواقع، وأصاب ما هو حاصل، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ، فَاتَّبَعُوهُ إِلاّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}.

{وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاّ لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ، وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ‍} [سبأ ٢٠/ ٣٤ - ٢١].

ثم أكد تعالى عليه اللعنة والطرد والإبعاد والنفي عن محل الملأ الأعلى بقوله: {اُخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً} أي اخرج من الجنة معيبا ممقوتا، مبعدا مطرودا من رحمة الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>