أولئك جميعا ينالهم ما كتب عليهم في كتاب المقادير الذي سجل فيه نظام العالم كلّه، وقدّر لهم من الأرزاق والأعمار، وكتب لمن كذب على الله أن وجهه مسود، أي لهم ما وعدوا به من خير أو شرّ، بالرّغم من ظلمهم وافترائهم على الله.
حتى إذا جاءتهم الرّسل وهم ملائكة الموت يتوفّونهم ويقبضون أرواحهم، قالوا لهم أي سألهم الرّسل تأنيبا وتوبيخا: أين الشّركاء الذين كنتم تدعونهم وتعبدونهم في الدّنيا من دون الله؟! ادعوهم يخلصونكم مما أنتم فيه! أجابوهم:
غابوا عنّا وذهبوا، فلا ندري مكانهم، ولا نرجو منهم النّفع والخير، ولا دفع الضّرّ.
وأقرّوا واعترفوا على أنفسهم بأنهم كانوا بدعائهم وعبادتهم إيّاهم كافرين.
ومفاد هذا زجر الكفار عمّا هم عليه من الكفر، ودفعهم إلى النّظر والتّأمل في عواقب أمورهم القائمة على الكفر والضّلال.
ثمّ أخبر الله تعالى عمّا تقوله الملائكة لهؤلاء المشركين به، المفترين عليه، المكذّبين بآياته: ادخلوا النّار مع أمم أمثالكم وعلى صفاتكم، قد سبقتكم في الكفر، سواء من الجنّ والإنس، فالقائل: إما مالك خازن النّار، أو هو الله عزّ وجلّ، أي قال الله: ادخلوا.
كلّما دخلت جماعة منهم النّار، ورأت العذاب والخزي والنّكال، لعنت أختها في الملّة والدّين التي ضلّت بالاقتداء بها، إذ هي قد ضلّت باتّباعها وتقليدها في الكفر، كما قال تعالى: {ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ، وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ