أصحاب النار أصحاب الجنة بأسمائهم وقالوا:{أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ}. وإنما طلبوا الماء خاصة لشدة ما في بواطنهم من الاحتراق واللهيب، بسبب شدة حر جهنم.
وهذا القول يدل على أنهم طلبوا الماء مع جواز الحصول. وقال آخرون: بل مع اليأس؛ لأنهم قد عرفوا دوام عقابهم.
وقال سعيد بن جبير في هذه الآية: ينادي الرجل أباه أو أخاه، فيقول له: قد احترقت، فأفض علي من الماء، فيقال لهم: أجيبوهم، فيقولون:{إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ}.
ومعنى قوله تعالى:{قالُوا: إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ}: قال أهل الجنة: إن الله منع الكفار شراب الجنة وطعامها.
ثم وصف الله تعالى الكافرين بما كانوا يعتمدونه في الدنيا، باتخاذهم الدين لعبا ولهوا، واغترارهم بالدنيا وزينتها وزخرفتها، عما أمروا به من العمل للآخرة، فقال:{الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ..} ..
أي إن هؤلاء الكفار تلاعبوا بدينهم وما كانوا به مجدين، أو اتخذوا اللهو واللعب دينا لأنفسهم، وجعلوا ديدنهم أعمالا لا تزكي الأنفس ولا تفيد، بل هي لهو يشغل الإنسان عن الجد، أو لعب لا يقصد منه فائدة صحيحة، فهي كأعمال الأطفال.
واغتروا في الحياة الدنيا بشهواتها وزخارفها وزينتها ولذاتها من الحرام والحلال. قال الرازي:{وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا} مجاز؛ لأن الحياة الدنيا لا تغر في الحقيقة، بل المراد أنه حصل الغرور عند هذه الحياة الدنيا؛ لأن الإنسان يطمع في طول العمر، وحسن العيش، وكثرة المال، وقوة الجاه، فلشدة رغبته