للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتفكير، والحث عليها، وذم التقليد دون بحث ولا تمحيص في آيات كثيرة، منها ما يحث على النظر والتأمل مثل: {إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [الرعد ٤/ ١٣] ومثل: {قُلْ: هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} [البقرة ١١١/ ٢] ومنها ما يذم التقليد مثل: {إِنّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ، وَإِنّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف ٢٣/ ٤٣].

هل ينتظر أي ما ينتظر هؤلاء الكفار إلا تأويله، أي ما وعدوا به من العذاب والنكال والجنة والنار، قال الربيع: لا يزال يجيء من تأويله أمر، حتى يتم يوم الحساب، حين يدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، فيتم تأويله يومئذ.

ويوم يأتي تأويله يوم القيامة، كما قال ابن عباس، وتظهر حقائق ما أخبر به وصدق ما جاء به، فيقول الذين تركوا العمل به وتناسوه في الدار الدنيا، أي جعلوه كالشيء المنسي وأعرضوا عنه: قد جاءت رسل ربنا بالحق، أي صدقوا في كل ما قالوا، وصح أنهم جاؤوا بالحق، وظهر أنه متحقق ثابت، ولكنا نحن الذين أعرضنا عنه، فجوزينا هذا الجزاء.

وأصبحوا يتمنون الخلاص بكل ما يمكن من أحد أمرين: إما شفاعة الشافعين، وإما الرجوع إلى الدنيا لإصلاح العمل وتجديد السلوك والمنهج الذي يرضي الله تعالى.

والسبب في تمني الشفعاء: تذكرهم أساس الشرك وهو أن النجاة عند الله إنما تكون بوساطة الشفعاء؛ فعند ما أفلسوا وعرفوا أن النجاة بالإيمان والعمل الصالح، تمنوا الرجوع إلى الدنيا، ليعملوا بما أمر به الرسل غير علمهم السابق، كقوله تعالى: {وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النّارِ فَقالُوا: يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا، وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ، وَلَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>