للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما أرسلت به من التكاليف الإلهية، وأنا لكم ناصح فيما أدعوكم إليه، أمين فيما أبلغكم إياه، فلا أكذب على الله. وهذه هي صفات الرسل: التبليغ والنصح والأمانة.

ولا تعجبوا أن بعث الله إليكم رسولا من أنفسكم لينذركم أيام الله ولقاءه، بل احمدوا الله على ذاكم. فقوله: {أَوَعَجِبْتُمْ} معطوف على محذوف تقديره:

أكذبتم وعجبتم من إنزال وحيه بتذكيركم وعظتكم على لسان رجل منكم، لينذركم عقابه ويحذركم من بأسه؟! واذكروا فضل الله عليكم ونعمته، إذ جعلكم ورثة نوح، ومنحكم طولا في القامة وقوة في الجسد تفوق أمثالكم من أبناء جنسكم.

واذكروا آلاء الله، أي نعمه ومننه عليكم، واشكروه عليها بإخلاص العبادة وترك الشرك به لتفوزوا بجنان الخلد والنعيم الأبدي.

فردوا عليه متمردين بقولهم: أجئتنا لأجل أن نعبد الله وحده، ونفرده بالتعظيم، ونترك ما كان عليه آباؤنا من اتخاذ الأصنام شركاء معه؟ أي أنهم أنكروا عليه دعوته، واستبعدوا اختصاص الله وحده بالعبادة، وترك دين الآباء في اتخاذ الأصنام شركاء معه، حبا لما نشؤوا عليه، وإلفا لما يتدين به آباؤهم.

وازدادوا طغيانا وعنادا وإنكارا على هود عليه السلام، بل اشتطوا في الحماقة والتحدي فطلبوا إنزال العذاب عليهم على ترك الإيمان به، قائلين: {فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ} أي استعجل إنزال العذاب علينا إن كنت صادقا في تهديدك ووعيدك.

فأجابهم هود عليه السّلام: إنه قد وجب عليكم وحقّ بمقالتكم هذه من ربّكم عذاب وسخط‍ وطرد من رحمته، أو قد نزل عليكم، جاعلا المتوقع الذي لا بدّ من نزوله بمنزلة الواقع، وقد كان عذابهم ريحا صرصرا (شديدة الصوت) عاتية تلقي

<<  <  ج: ص:  >  >>