والاستفادة من التراب بصنع اللبن والآجر ومن سهولة الأرض، وتنحتون من الجبال أحجارا تبنون بها بيوتا محصنة، يسكنونها في الشتاء لقوتها، فلا تؤثر فيها الأمطار والعواصف، ويسكنون في السهول بقية الفصول للزراعة.
فتذكروا هذه النعم الكثيرة العظيمة، واشكروا الله عليها بتوحيده وإفراده بالعبادة، وإياكم أن تفسدوا في الأرض، بأي نوع من أنواع الفساد.
فقال الملأ أي الأشراف والسادة والزعماء للفقراء المستضعفين الذين هم أسرع الناس عادة إلى إجابة دعوة الرسل، وهم المؤمنون منهم: أتعلمون أن صالحا رسول من عند الله؟ وهو سؤال يراد به التهكم والسخرية والاستهزاء بهم. فأجابهم هؤلاء: نحن نعلم يقينا أنه رسول من عند ربه بلا ريب ولا شك، وإنا بما أرسل به صالح من الحق والهدى مؤمنون مصدّقون ومقرون بأنه من عند الله. سألوهم عن العلم بإرساله، فجعلوا إرساله أمرا معلوما لا شك فيه، وإنما الكلام في وجوب الإيمان به، فنخبركم أنا به مؤمنون. وقوله:{لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ} بدل من الذين استضعفوا، كما بينا؛ لأن المستضعفين هم المؤمنون، وهو بدل البعض من الكل، وهو الراجح.
فأجاب الكفرة الذين استكبروا عن الإيمان برسالة صالح: إنا بالذي صدقتم وآمنتم به من نبوة صالح جاحدون منكرون.
وإنما لم يقولوا: إنا بما أرسل به صالح كافرون؛ لأن ذلك يتضمن شهادتهم على أنفسهم بإثبات رسالته، ثم بإنكارها وجحودها عنادا. وقال الزمخشري:
وضعوا:{آمَنْتُمْ بِهِ} موضع: أرسل به ردّا لما جعله المؤمنون معلوما وجعلوه مسلّما.
ولما اشتد تكذيبهم لصالح النبي عليه السلام عزموا على قتل الناقة، ليستأثروا بالماء كل يوم، فاتفقوا على قتلها، وعقروا الناقة أي نحروها، ونسب