فتولى عنهم صالح عليه السلام، والظاهر أنه كان مشاهدا لما جرى عليهم، وأنه تولى عنهم بعد ما أبصرهم جاثمين، تولّي مغتم متحسر على ما فاته من إيمانهم، حزنا عليهم.
وقال: يا قوم، لقد بذلت فيكم منتهى وسعي وجهدي في إبلاغكم النصيحة لكم، ولكنكم لا تحبون الناصحين، فوجبت عليكم كلمة العذاب. وهذا تقريع من صالح عليه السلام لقومه، لما أهلكهم الله بمخالفتهم إياه، وتمردهم على الله، وإبائهم عن قبول الحق.
روي أن عقرهم الناقة كان يوم الأربعاء، ونزل بهم العذاب يوم السبت.
وروي أنه خرج في مائة وعشرة من المسلمين وهو يبكي، فالتفت فرأى الدخان ساطعا، فعلم أنهم قد هلكوا، وكانوا ألفا وخمسمائة دار، وروي غير ذلك.
ونداء صالح عليه السلام لقومه بعد الموت
كنداء النّبي صلّى الله عليه وسلّم بعض قتلى قريش ببدر، بعد دفنهم في القليب (البئر غير المطوية أو غير المبنية): «يا أبا جهل بن هشام، يا عتبة بن ربيعة، يا شيبة بن ربيعة، ويا فلان بن فلان، أيسرّكم أنكم أطعتم الله ورسوله، فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟!».
قال راوي الحديث أبو طلحة الأنصاري-فيما أخرجه البخاري وغيره-قال عمر: يا رسول الله، ما تكلم من أقوام قد جيّفوا؟ -أي أجساد لا أرواح لها أو فيها وقد أنتنوا-فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «والذي نفسي بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكن لا يجيبون.