للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له في الطين واللّبن حتى يبنى»

وفي خبر آخر أنه صلّى الله عليه وسلّم قال فيما رواه الطبراني وأبو نعيم عن ابن مسعود: «من بنى فوق ما يكفيه، كلّف يوم القيامة أن يحمله على عنقه»

وأخرج الدارقطني عن جابر بن عبد الله قال: قال النّبي صلّى الله عليه وسلّم:

«وما أنفق المؤمن من نفقة، فإن خلفها على الله عز وجل، إلا ما كان في بنيان أو معصية».

ودل قوله تعالى: {فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ} على أن الكفار منعم عليهم.

وفي قوله: {قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا.}.

دلالة على أن السادة والزعماء هم الذين تكبروا عن الإيمان، شأنهم في ذلك أمثالهم مع كل نبي ومصلح يتمردون ويستعلون عليه. وفيه دلالة أيضا على أن المستضعفين هم الذين آمنوا برسالة صالح عليه السلام، وهو الشأن الغالب أيضا مع كل نبي، يبادر الضعفاء والفقراء إلى الإصغاء لكلمة الحق والهدى والإيمان، فيكونون أهل الجنة، وأولئك المتكبرون هم أهل النار والعذاب في الدنيا.

وأما قول صالح: {وَقالَ: يا قَوْمِ، لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ..}.

فيحتمل أنه قال ذلك قبل موتهم، ويحتمل أنه قاله بعد موتهم،

كقوله صلّى الله عليه وسلّم لقتلى بدر:

«هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟» فقيل: أتكلم هؤلاء الجيف؟ فقال: «ما أنتم بأسمع منهم، ولكنهم لا يقدرون على الجواب». قال القرطبي: والأول أظهر، يدل عليه: {وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النّاصِحِينَ} أي لم تقبلوا نصحي. وذكر ابن كثير وغيره:

أن صالحا قال لهم ذلك بعد هلاكهم تقريعا وتوبيخا.

وقوله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} والفاء للتعقيب: يدل على أن الرجفة أخذتهم عقيب ما ذكروا ذلك الكلام، لكن ليس الأمر كذلك؛ لأنه تعالى قال في آية أخرى: {فَقالَ: تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيّامٍ، ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ} [هود ٦٥/ ١١].

ولا تناقض بين تعبير الرجفة هنا، والطاغية والصيحة والصاعقة، كما ذكرنا

<<  <  ج: ص:  >  >>