استخدام التهديد والوعيد، فقال أشرافهم لمن دونهم من المستضعفين المؤمنين، لتثبيطهم عن الإيمان: تالله لئن اتبعتم شعيبا فيما يقول وآمنتم به إنكم لخاسرون خسارة معنوية في فعلكم بترككم ملة الآباء والأجداد العريقين إلى دين جديد يدعوكم إليه، لم تألفوه، ولم تعرفوا مصداقيته، وخاسرون خسارة مادية إذ لم تزيدوا ثروتكم بتطفيف الكيل والميزان وأخذ أموال الآخرين؛ وتخسرون باتباع شعيب فوائد البخس والتطفيف؛ لأنه ينهاكم عنهما، ويحملكم على الإيفاء والتسوية.
ويلاحظ أن القرآن وصف الأشراف والسادة أولا بالاستكبار عن الإيمان بالله وبرسالة شعيب عليه السلام، ثم وصفهم بالإغواء والإضلال ومحاولة تكفير المؤمنين بشعيب، ثم وصفهم بالكفر والإرهاب ثم أعقب ذلك ببيان عاقبة أمرهم وتعذيبهم فقال:{فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ..}. أي إنهم أبيدوا وأهلكوا بالزلزلة الشديدة، والصيحة المرعبة، كما أرجفوا شعيبا وأصحابه وتوعدوهم بالطرد والإجلاء، فأصبحوا منكبين على وجوههم ميتين. وقد عبر عن عذابهم هنا بالرجفة، وفي سورة هود بالصيحة كعذاب ثمود؛ لأن الرجفة أي الزلزلة لا تنفك عن الصيحة العظيمة الهائلة:{كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ}[هود ٩٥/ ١١].
وفي سورة الشعراء بيّن سبحانه أنه أرسل شعيبا إلى أصحاب الأيكة وهم إخوة مدين في النسب، والأيكة: الغيضة بين ساحل البحر ومدين، وكان عذاب مدين بالصيحة والرجفة المصاحبة لها. وعذاب أصحاب الأيكة بالسّموم والحر الشديد بعد أن تجمعوا تحت ظلّة من السحاب يتفيئون بظلها من وهج الشمس، فأمطرت عليهم نارا فاحترقوا. فالظلة: هي سحابة أظلتهم فيها شرر من نار ولهب ووهج عظيم. والخلاصة: لقد اجتمع على قوم شعيب ذلك كله، أصابهم عذاب يوم الظلة، ثم جاءتهم صيحة من السماء، ورجفة من الأرض شديدة من