للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكذيبهم بالحق من قبل مجيء الرسل وأول ما ورد عليهم، أي في بدء الدعوة إلى التوحيد وعبادة الله، ومن قبل مجيء المعجزات، فظلوا على حالهم، ولم تؤثر فيهم الآيات الدالة على صدق الرسل، أو فما كانوا ليؤمنوا إلى آخر أعمارهم بما كذبوا به أولا حين جاءتهم الرسل، أي استمروا على التكذيب من لدن مجيء الرسل إليهم، إلى أن ماتوا مصرّين على كفرهم وعنادهم، مع تكرر المواعظ‍ عليهم وتتابع الآيات.

ومثل ذلك الذي طبع الله على قلوب كفار الأمم الخالية، يطبع على قلوب الكافرين الذين كتب الله عليهم ألا يؤمنوا أبدا. وبإيجاز: مثل ذلك الطبع الشديد نطبع على قلوب الكافرين.

وفي الآية تسلية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وتثبيت له على دعوته، وإخباره بأن هذا العناد والتمرد من أهل مكة قد سبقهم إليه أمثالهم من الأمم الغابرة، فلا تأس ولا تحزن على كفرهم.

وما وجدنا لأكثر الأمم الماضية عهدا وفوا به، سواء عهد فطرة الذي عاهدهم الله وهم في صلب آدم، أو عهد شرع بالإيمان وأداء التكاليف، أو عهد عرف متعارف عليه بأداء الالتزامات واحترام العقود التي يبرمونها فيما بينهم. ولقد وجدنا أكثرهم فاسقين خارجين عن الطاعة والامتثال. وفي التعبير بالأكثر إشارة إلى أن بعضهم قد آمن، ونفذ كل عهد مع الله أو مع الناس. وهذا من دقة القرآن ومصداقيته.

ومخالفة عهد الفطرة السليمة القائم على الإقرار بتوحيد الله وأنه لا إله إلا هو، وعبادة غيره بلا دليل ولا حجة من عقل ولا شرع، كان كلاهما بتأثير البيئة،

جاء في صحيح مسلم: «يقول الله تعالى: إني خلقت عبادي حنفاء، فجاءتهم الشياطين، فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم»

وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>