للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} فيه تشويق واجتذاب الأنظار إلى ما سيذكره تعالى من المصير المشؤوم لفرعون وملئه، ونجاة موسى وبني إسرائيل.

ثم بدأ الله تعالى بعد هذا التشويق ببيان فصول القصة، وأول فصل منها:

إخباره تعالى عن مناظرة موسى لفرعون وتغلبه عليه بالحجة والمنطق، وإظهاره الآيات البيّنات في مجلس فرعون وقومه قبط‍ مصر.

وقال موسى: يا فرعون أي يا ملك مصر، إني رسول من رب العالمين، أي مالك كل شيء وخالقه ومدبره، وجدير بي (١) ألا أقول على الله إلا الحق، فإن الرسول لا يكذب على الله الذي بيده ملكوت كل شيء، لذا فإني لا أخبر عن الله إلا بما هو حق وصدق؛ لما أعلم من جلاله وعظيم شأنه.

وهاتان الجملتان تتضمنان عقيدة التوحيد: وهي أن للعوالم كلها إنسها وجنّها ربا واحد، وعقيدة النوبة والرسالة المؤيدة منه تعالى بالعصمة في التبليغ.

ومن المؤيدات قوله: قد جئتكم ببرهان وحجة قاطعة من الله أعطانيها دليلا وشاهدا على صدقي فيما أخبرتكم عنه.

وقوله: {مِنْ رَبِّكُمْ} إشارة إلى أن جميع الناس مربوبون لله ومخلوقون به، وأن فرعون ليس ربا ولا إلها، وإلى أن البينة ليست من صنع موسى.

ثم رتب على إثباته نبوته بالبينة الواضحة طلب موسى من فرعون إطلاق سراح بني إسرائيل من أسره واستعباده وقهره، وتركهم حتى يذهبوا معه راجعين إلى الأرض المقدسة التي هي وطنهم ومولد آبائهم، ليتفرغوا إلى عبادة ربهم وربه؛ فإنهم من سلالة


(١) الباء وعلى يتعاقبان، فعلى في قوله تعالى: «حَقِيقٌ عَلى» بمعنى الباء، يقال: رميت بالقوس وعلى القوس، وجاء على حال حسنة وبحال حسنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>