ناجم عادة عن الجدب، ونقص الثّمار، والطّوفان، قال مجاهد وعطاء:
الطّوفان: الموت.
ومعنى الآيات هنا: ولقد اختبرنا آل فرعون وامتحنّاهم وابتليناهم بسنين الجوع بسبب قلّة الزّروع، أي في البادية، وبنقص الثّمرات، أي في الأمطار، قال رجاء بن حيوة:«كانت النّخلة لا تحمل إلا ثمرة واحدة»، ثم قال تعالى:
{لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} أي ليتذكّروا ويتّعظوا ويرجعوا عن كفرهم وتكذيبهم لآيات الله وعن ظلمهم لبني إسرائيل، ويؤمنوا بالله ربّا، ويستجيبوا لدعوة موسى عليه السّلام؛ لأنّ من سنّته تعالى أن يرسل الزّواجر تنبيهات، ودلّت التّجارب على أنّ الشّدائد تليّن النّفوس، فتكون المصائب والآفات ونقص الثّمرات سببا في رجوع الناس إلى الله تعالى، فإن عادوا إلى ربّهم واهتدوا كان الخير والرّخاء، وإن أعرضوا كان القحط والجدب والهلاك المحتوم، وقد أعرض آل فرعون عن الاستجابة لدعوة موسى بعد أن أنذرهم، فكانوا من الهالكين.
ثم بيّن الله تعالى أنّ المصائب زادت آل فرعون عتوّا وبغيا، فقال:{فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ..}. أي إذا جاءهم الخصب والرّزق وزيادة الثّمار والمواشي قالوا:
لنا هذه، يعني هذا لنا بما نستحقّه من العمل والمعرفة والتّفوّق، وإن أصابتهم سيئة، أي جدب وقحط، تشاءموا بموسى ومن معه، وقالوا: هذا بسببهم وما جاؤوا به، وغفلوا عن واجب شكر نعمة الله، وعن سيئاتهم وفساد أعمالهم وشرور أنفسهم، كما قال تعالى في حقّ النّبي صلى الله عليه وآله وسلم:{وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا:}
ثمّ ردّ الله عليهم بقوله:{أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ} أي إن كلّ ما يصيبهم من خير أو شرّ، فهو بقضاء الله وقدره، فالله جعل الخير ابتلاء ليعرف الشاكر