والأخروية، وأن الخير فيما أمر الله به، وأن الشر فيما نهى عنه الله، وإنما نظرتهم ظاهرية، كما قال تعالى:{يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا، وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ}[الروم ٧/ ٣٠] فهم بمنزلة من لا يفقه؛ لأنهم لا ينتفعون بقلوبهم الواعية، ولا يعقلون ثوابا ولا يخافون عقابا.
وهم أيضا لا ينظرون بأعينهم نظر تبصر واعتبار وإمعان في آيات الله الكونية وآياته القرآنية التي ترشدهم إلى ما فيه سعادتهم.
ولا يسمعون بآذانهم سماع تدبر وإصغاء آيات الله المنزلة على أنبيائه، ولا يسمعون أخبار التاريخ والأمم الغابرة، وكيف كان مصيرهم بسبب إعراضهم عن هداية الله وإرشاد الرسل. وليس الغرض من نفي السمع والبصر نفي الإدراكات عن حواسهم، وإنما المقصود بيان حجبها عن إبصار الهدى وسماع المواعظ.
أولئك الموصوفون بما ذكر من تعطيل عقولهم وحواسهم هم كالأنعام (البقر والإبل والغنم) لا همّ لهم إلا الأكل والشرب والتمتع بلذات الحياة والدنيا، {بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} منها؛ لأن الأنعام تحرص على ما ينفعها، وتنفر مما يضرها، ولا تسرف في أكلها وشربها، وهؤلاء يقدمون على النار معاندة، وهم مسرفون في جميع اللذات، ولا يهتدون إلى ثواب، ولا قدرة للحيوانات على تحصيل الفضائل، وأما الإنسان فأعطي القدرة على تحصيلها.
أولئك هم كاملو الغفلة عن آيات الله وعن استعمال مشاعرهم وعقولهم فيما