واحد، وجعل من جنسها زوجها إنسانا يساويه في الإنسانية.
ثم فنّد الله تعالى آراء المشركين، ونقض الشرك من جذوره، فقال:
{أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً..}. أي أيشركون بالله شيئا لا يستطيع إطلاقا خلق أي شيء؟ أو أيشركون به من المعبودات ما لا يخلق شيئا، ولا يستطيع ذلك؟ وإنما الله هو الخالق لهم ولأولادهم ولكل مخلوق، كما قال:{يا أَيُّهَا النّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ، إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً، وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ، وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ، ضَعُفَ الطّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ}[الحج ٧٣/ ٢٢].
وهذه الأصنام مخلوقة مصنوعة، كما قال تعالى:{لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً، وَهُمْ يُخْلَقُونَ}[النحل ٢٠/ ١٦].
وهم لا يستطيعون لعابديهم تحقيق أي معونة أو نصر، بل إنهم لا يستطيعون نصر أنفسهم على من يعتدي عليهم بإهانة أو سب أو أخذ شيء مما عندهم من طيب أو حلي، فلا نصر لأنفسهم ممن أرادهم بسوء. وقال: يخلقون لأنهم اعتقدوا أن الأصنام تضر وتنفع، فأجريت مجرى الناس.
فهذا كله إنكار من الله على المشركين الذين عبدوا مع الله غيره من الأنداد والأصنام والأوثان، وهي مخلوقة لله، مربوبة، مصنوعة لا تملك شيئا من الأمر، ولا تضر ولا تنفع، ولا تسمع ولا تبصر، ولا تنتصر لعابديها، بل هي جماد لا تتحرك، وعابدوها أكمل منها بسمعهم وبصرهم وبطشهم.
ثم ذكر الله تعالى أن هذه الأصنام لا تصلح تبعا فضلا عن أن تكون متبوعة، فقال:{وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى..}. أي وإن تدعوا هذه الأصنام إلى ما هو هدى ورشاد، أو إلى أن يهدوكم إلى ما تريدون تحقيقه، لا يستجيبون لكم ولا ينفعونكم، فهم في الحالين عديمو النفع، فإن تطلبوا منهم كما تطلبون من الله