مطالبكم، فهم ليسوا مثلكم، بل دونكم في التكوين والصفات والقوى، ومن يخلو من منافع هذه الأعضاء، لا يستحق العبادة، فإن الإنسان أفضل بكثير من هذه الأصنام، بل لا تصح المقارنة بين مزايا الإنسان وهذه الأصنام، إذ هم حجارة صماء، أو طين وماء، أو عجوة أو حلاوة كصنم بني حنيفة.
أكلت حنيفة ربها... عام التقحم والمجاعة
ومع كل هذا أمر النبي صلّى الله عليه وآله وسلم بأن يتحداهم، ويدعوهم للاختبار العملي، فقيل له: قل يا محمد الرسول لهؤلاء الوثنيين: نادوا شركاءكم وآلهتكم من دون الله، واستنصروا بها علي، وتعاونوا على كيدي، فلا تؤخروني طرفة عين، وابذلوا جهدكم، وأوقعوا الضرر بي كيف شئتم، ولا تمهلون ساعة من نهار، أنتم وشركاؤكم، فلا أبالي بكم. ولا يقول هذا إلا واثق بعصمة الله، وكانوا قد خوفوه آلهتهم.
وهذا رد على تهديدهم وقولهم: إنا نخاف عليك من آلهتنا!! ثم أعلن الرسول ثقته الكبرى بالله وتحقيره هذه المعبودات، مع قلة الأعوان والنصراء في مكة فقال بتعليم الله:{إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ..}. أي الله حسبي وكافيني، وهو نصيري وناصري عليكم، ومتولي أمري في الدنيا والآخرة، وعليه اتكالي، وإليه ألجأ، وهو الذي نزل علي القرآن الذي يدعو إلى التوحيد، وينبذ الشرك، وأعزني برسالته، وهو الذي يتولى كل صالح بعدي، وهو كل من صلحت عقيدته، وسلمت من الخرافات والأوهام، وصلحت أعماله، ومن عادته تعالى أن ينصر الصالحين من عباده وأنبيائه، ولا يخذلهم. أما المشرك فوليه الشيطان:
{اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ}[البقرة ٢٥٧/ ٢]. ومناسبة هذه الآية:{إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ} لما قبلها أنه تعالى لما بيّن في الآيات المتقدمة أن هذه