للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدي، قال: مالك؟ قلت: أردت أن أشترط‍. قال: ماذا تشترط؟ قلت: أن يغفر لي، قال: أما علمت يا عمرو أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحجّ يهدم ما كان قبله؟».

وإن يعودوا إلى حظيرة الكفار والصّدّ والعناد والقتال، أي يستمروا على ما هم عليه، أجريت عليهم سنّتي المطردة في تدمير وإهلاك المكذّبين السّابقين الذين كذّبوا أنبيائي وتحزّبوا ضدّهم، كما حدث لقريش يوم بدر وغيره، وظهر وعد الله القائل: {إِنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا، وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ} [غافر ٥١/ ٤٠].

وهذا وعيد شديد لهم بالدّمار إن لم يتركوا الكفر والعناد.

ثم بيّن الله تعالى حكم هؤلاء الكفار إن عادوا للكفر واستمروا عليه، فهم متوعّدون بسنّة الأولين، وحكمهم: أن الله أمر بقتالهم إذا أصرّوا فقال:

{وَقاتِلُوهُمْ حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ} أي وقاتلوا أيها المسلمون قتالا عنيفا أعداءكم المشركين، حتى لا يبقى شرك أبدا، ولا يبعد إلا الله وحده، ولا يفتن مؤمن عن دينه، ويخلص التّوحيد لله، فيقال: لا إله إلا الله، وتضمحل الأديان الباطلة، ولا يبقى إلاّ دين الإسلام، وذلك في أرض مكّة وما حواليها من جزيرة العرب،

لقوله عليه الصّلاة والسّلام فيما رواه البيهقي من حديث مالك عن الزهري:

«لا يجتمع دينان في جزيرة العرب»، قال الرّازي: ولا يمكن حمله على جميع البلاد؛ إذ لو كان ذلك مرادا لما بقي الكفر فيها، مع حصول القتال الذي أمر الله به (١).

فيكون الغرض من القتال هو التّمكين من حرية التّدين، فلا يكره أحد على ترك عقيدته، كما قال تعالى: {لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة ٢٥٦/ ٢].


(١) تفسير الرّازي: ١٦٤/ ١٥

<<  <  ج: ص:  >  >>