معنى القرآن، وإفهامه مراده:{فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[النحل ٤٣/ ١٦].
هذا.. وقد استدل بالآية (١٢٠) أبو حنيفة والشافعي وداود الظاهري وأحمد بن حنبل على أن الكفر كله ملة واحدة، لقوله تعالى:{مِلَّتَهُمْ} فوحد الملة، وبقوله تعالى:{لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}[الكافرون ٦/ ١٠٩]، و
بقوله عليه السلام:«لا يتوارث أهل ملتين شتى» على أن المراد به الإسلام والكفر، بدليل
قوله عليه السّلام:«لا يرث المسلم الكافر».
وذهب الإمام مالك، وأحمد في الرواية الأخرى: إلى أن الكفر ملل، فلا يرث اليهودي النصراني، ولا يرثان المجوسي، أخذا بظاهر قوله عليه السّلام:
«لا يتوارث أهل ملتين». وأما قوله تعالى:{مِلَّتَهُمْ} فالمراد به الكثرة، وإن كانت موحدة في اللفظ، بدليل إضافتها إلى ضمير الكثرة، كما تقول: أخذت عن علماء أهل المدينة-مثلا-علمهم، وسمعت عليهم حديثهم، يعني علومهم وأحاديثهم.
والخطاب في قوله تعالى:{وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ} إما للرسول، لتوجه الخطاب إليه، وإما للرسول، والمراد به أمته. وإذا كان الرسول هو المخاطب فأمته أولى، لأن منزلتهم دون منزلته.
وسبب الآية: أنهم كانوا يسألون المسالمة والهدنة، ويعدون النّبي صلّى الله عليه وسلّم بالإسلام، فأعلمه الله أنهم لن يرضوا عنه حتى يتبع ملتهم، وأمره بجهادهم.
واستدل الإمام أحمد بقوله:{مِنَ الْعِلْمِ} على كفر من اعتقد أن القرآن مخلوق، فإنه سئل عمن يقول: القرآن مخلوق، فقال: كافر، قيل: بم كفّرته؟ فقال: بآيات من الله تعالى: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ}[الرعد ٣٧/ ١٣] والقرآن من علم الله، فمن زعم أنه مخلوق فقد كفر.