للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هلكوا بعد مشاهدة هذه المعجزة، والمؤمنون الذين بقوا في الحياة شاهدوا هذه المعجزة القاهرة. والمراد من البينة: هذه المعجزة (١).

وقد أراد الله أيضا من الفريقين كما دل ظاهر قوله: {لِيَهْلِكَ..}. العلم والمعرفة والخير والصلاح.

فإظهار المعجزة وإعلام فريقي المؤمنين والكافرين بالحجة على أحقية الإسلام وبطلان الشرك هو النوع الأول من النعم التي أنعم الله بها على أهل بدر.

والنوع الثاني من النعم يعرف من قوله: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ} وهو:

تقليل الكافرين في أعين المؤمنين، ليقدموا على القتال بروح معنوية عالية، وبحماسة تحقق النصر والغلبة.

والنوع الثالث من النعم يوم بدر يتبين من قوله: {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ..}.

وهو أن التقليل الذي حصل في النوم تأكد بحصوله في اليقظة، فهذا في اليقظة، فقلل الله تعالى عدد المشركين في أعين المؤمنين، وقلل أيضا عدد المؤمنين في أعين المشركين، والحكمة في التقليل الأول: تصديق رؤيا الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم، وتقوية قلوب المؤمنين، وازدياد جرأتهم عليهم. والحكمة في التقليل الثاني: أن المشركين لما استقلوا عدد المسلمين، لم يبالغوا في الاستعداد والتأهب والحذر، فصار ذلك سببا لاستيلاء المؤمنين عليهم.

والمقصود من ذكر قوله تعالى: {لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً} في موضعين: في الآية ٤٢، وفي الآية ٤٤: هو أن ذكره في الموضع الأول لبيان أن الله تعالى فعل تلك الأفعال من أجل نصر المؤمنين على المشركين على وجه يكون معجزة دالة على صدق الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم، وللترغيب في اللقاء. وذكره في الموضع


(١) تفسير الرازي: ١٦٨/ ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>