وهذه القواعد والنصائح هي الثبات عند اللقاء، وذكر الله والتضرع إليه واللجوء إلى جنابه، وطاعة الله والرسول، أي طاعة التوجيه الإلهي والقائد الحربي الذي لا يأمر عادة إلا بالصواب والحق والمصلحة العامة، وعدم التنازع والاختلاف، والصبر عند الشدائد، وعدم البطر والرياء والكبر والخيلاء.
أما الثبات عند قتال الكفار: فهو كما في الآية المتقدمة التي تنهى عن الفرار عنهم، فالتقى الأمر والنهي على هدف واحد، وهو الصمود في المعركة.
وأما ذكر الله في القلب واللسان والدعاء فهو مما يعين على الهدف السابق وهو الثبات على الشدائد، فيقول المجاهد ما قاله أصحاب طالوت:{رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً، وَثَبِّتْ أَقْدامَنا، وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ}[البقرة ٢٥٠/ ٢]. وهذه الحالة لا تكون-كما ذكر القرطبي-إلا عن قوة المعرفة، واتّقاد البصيرة، وهي الشجاعة المحمودة بين الناس. ثم قال القرطبي: والأظهر أنه ذكر اللسان الموافق للجنان.
وأما طاعة الله ورسوله فهي الواجبة في كل أحوال المسلم، وبخاصة وقت الحرب والقتال؛ لأن طاعة القائد الحربي أساس لتماسك الجيش، وضمان لتقدمه وتوجيهه الوجهة التي يخطط لها القائد تخطيطا سليما. والطاعة العمياء للقائد من أصول الجندية الحديثة المعروفة.
وأما التنازع والاختلاف بين الآراء ووجهات النظر فهو أداة انقسام الجيش، وإنذار بالهزيمة والتراجع، وذهاب القوة والنصر والدولة.
وأما الصبر فهو محمود في كل المواطن، وبخاصة موطن الحرب؛ كما قال تعالى:{إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} وقال أيضا: {اِصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا}[آل عمران ٢٠٠/ ٣] والله مع الصابرين، والمراد بهذه المعية: النصرة والمعونة.